responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله ص والثلاثة الخلفاء نویسنده : الكلاعي، أبو الربيع    جلد : 2  صفحه : 283
ويعظهم ويقول: إنكم يا معشر المسلمين أصبحتم فى دار العجم منقطعين عن الأهل، نائين عن أمير المؤمنين، وأمداد المسلمين، وقد والله أصبحتم بإزاء عدو كثير عددهم شديد عليكم حنقهم، وقد وترتموهم فى أنفسهم ونسائهم وأولادهم وبلادهم وأموالهم، فلا والله لا ينجيكم منهم اليوم ولا تبلغون رضوان الله إلا بصدق اللقاء والصبر فى مواطن المكروه، فتقربوا إلى خالقكم، وامتنعوا بسيوفكم، ولتكن هى الحصون التى إليها تلجون، وبها تمتنعون.
وقاتل أبو سفيان يومئذ، قتالا شديدا، وأبلى بلاء حسنا.
قال: وزحف الروم إلى المسلمين وهم يزفون زفا، ومعهم الصلبان، وأقبلوا بالأساقفة والقسيسين والرهبان والبطارقة والفرسان، ولهم دوى كدوى الرعد، وقد تبايع عظمهم على الموت، ودخل منهم ثلاثون ألفا فى السلاسل، كل عشرة فى سلسلة لئلا يفروا، فلما نظر إليهم خالد بن الوليد مقبلين، أقبل على نساء المسلمين وهن على تل مرتفع فى العسكر، فقال: يا نساء المسلمين، أيما رجل أدركتنه منهزما فاقتلنه، فأخذن العناهر، وهى عمد البيوت، ثم أقبلن نحو المسلمين فقلن: لستم بعولتنا إن لم تمنعونا اليوم، وأقبل خالد إلى أبى عبيدة، فقال: إن هؤلاء قد أقبلوا فى عدد وحد وجد، وإن لهم لشدة لا يردها شىء، وليست خيل المسلمين بكثيرة، ولا والله لأقامت خيلى لشدة حملتهم وخيلهم ورجالهم أبدا، وخيل خالد يومئذ أمام صفوف المسلمين، والمسلمون ثلاثة صفوف.
قال خالد: فقد رأيت أن أفرق خيلى، فأكون أنا فى إحدى الخيلين، ويكون قيس بن هبيرة فى الخيل الأخرى، ثم تقف خيلنا من وراء الميمنة والميسرة، فإذا حملوا على الناس فإن ثبت المسلمون فالله ثبتهم وثبت أقدامهم، وإن كانت الأخرى حملت عليهم خيولنا وهى جامة على ميمنتهم وميسرتهم، وقد انتهت شدة خيلهم وقوتها، وتفرقت جماعتهم ونقضوا صفوفهم، وصاروا نشرا [1] ، ثم تحمل عليهم وهى بتلك الحال، فأرجو عندها أن يظفر الله بهم ويجعل دائرة السوء عليهم، وقال لأبى عبيدة: قد رأيت لك أن توقف سعيد بن زيد موقفك هذا وتقف أنت بحذائه من ورائه فى جماعة حسنة، فتكون ردآ للمسلمين، فقبل أبو عبيدة مشورته، وقال: أفعل ما أراك الله وأنا فاعل ما ذكرت، فأمر أبو عبيدة سعيد بن زيد فوقف فى مكانه، وركب هو فسار فى الناس فحرضهم وأوصاهم بتقوى الله والصبر، ثم انصرف فوقف من وراء الناس ردآ لهم، وأقبلت الروم كقطع الليل حتى إذا حاذوا الميمنة نادى معاذ بن جبل الناس فقال: يا عباد الله المسلمين،

[1] صاروا نشرا: أى منتشرين متفرقين متطايرين.
نام کتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله ص والثلاثة الخلفاء نویسنده : الكلاعي، أبو الربيع    جلد : 2  صفحه : 283
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست