responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله ص والثلاثة الخلفاء نویسنده : الكلاعي، أبو الربيع    جلد : 2  صفحه : 265
قال عبد الله بن قرط [1] : وبعثنى بكتابه، فلما قدمت على عمر دعا المهاجرين والأنصار فقرأ عليهم كتاب أبى عبيدة، فبكى المسلمون بكاء شديدا، ورفعوا أيديهم ورغبتهم إلى الله عز وجل، أن ينصرهم، وأن يعافيهم ويدفع عنهم، واشتدت شفقتهم عليهم، وقالوا: يا أمير المؤمنين، ابعثنا إلى إخواننا، وأمر علينا أميرا ترضاه لنا، أو سر أنت بنا إليهم، فو الله إن أصيبوا فما فى العيش خير بعدهم، قال: ولم أر منهم أحدا كان أظهر جزعا ولا أكثر شفقا من عبد الرحمن بن عوف، ولا أكثر قولا لعمر: سر بنا يا أمير المؤمنين، فإنك لو قدمت الشام شد الله قلوب المسلمين، ورعب قلوب الكافرين.
قال: واجتمع رأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يقيم عمر ويبعث المدد، ويكون ردآ للمسلمين. قال: فقال لى عمر رحمه الله: كم كان بين الروم وبين المسلمين يوم خرج؟
فقلت: نحو من ثلاث ليال. فقال عمر: هيهات متى يأتى هؤلاء غياثنا.
ثم كتب معى إلى أبى عبيدة: أما بعد، فقد قدم علينا أخو ثمالة بكتابك، تخبر فيه بنفير الروم إلى المسلمين برا وبحرا، وبما جاشوا به عليكم من أساقفتهم ورهبانهم، وأن ربنا المحمود ذا الصنع العظيم والمن الدائم قد رأى مكان هؤلاء الأساقفة والرهبان حين بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق فنصره بالرعب وأعزه بالنصر، وقال وهو لا يخلف الميعاد: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [الصف: 9] ، فلا يهولنك كثرة من جاءك منهم فإن الله منهم برىء، ومن برئ الله منه كان قمنا أن لا تنفعه كثرته، وأن يكله الله إلى نفسه ويخذله، ولا يوحشنك قلة المسلمين فى المشركين، فإن الله معك، وليس قليلا من كان الله معه، فأقم بمكانك الذى أنت فيه حتى تلقى عدوك وتناجزهم إن شاء الله، وستظهر بالله عليهم، وكفى بالله ظهيرا ووليا وناصرا.
وقد فهمت مقالتك: احتسب أنفس المسلمين إن أقاموا، أو دينهم إن هم هربوا، فقد جاءهم ما لا قبل لهم به إلا أن يمدهم الله بملائكته أو يأتيهم بغياث من قبله. وايم الله، لولا استثناؤك هذا لقد كنت أسأت لعمرى، لئن أقام المسلمون وصبروا فأصيبوا، لما عند الله خير للأبرار، ولقد قال الله تعالى فيهم: فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا [الأحزاب: 23] ، فطوبى للشهداء ولمن عقل عن الله ممن معك من المسلمين أسوة بالمصرعين حول رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مواطنه، فما عجز الذين قاتلوا فى سبيل الله ولا هابوا لقاء الموت فى جنب الله ولا وهن الذين بقوا من بعدهم ولا

[1] انظر: تاريخ فتوح دمشق (181- 184) .
نام کتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله ص والثلاثة الخلفاء نویسنده : الكلاعي، أبو الربيع    جلد : 2  صفحه : 265
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست