responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله ص والثلاثة الخلفاء نویسنده : الكلاعي، أبو الربيع    جلد : 2  صفحه : 229
بحاجتكم من ثم، وأقيموا الترجمان بينى وبينكم، يفهمنى ما تقولون، ويفهمكم ما أقول، ثم أمسك برأس فرسه وجلس على الأرض عند طرف البساط. فقالوا له: لو دنوت فجلست معنا كان أكرم لك، إن جلوسك مع هذه الملوك على هذه المجالس مكرمة لك، وإن جلوسك على الأرض متنحيا صنيع العبد بنفسه، فلا نراك إلا قد أزريت بنفسك.
فلما أخبره الترجمان بمقالتهم جثا على ركبتيه واستقبل القوم بوجهه، وقال للترجمان:
قل لهم: إن كانت هذه المكرمة التى تدعوننى إليها استأثرتم بها على من هو مثلكم إنما هى للدنيا، فلا حاجة لنا فى شرف الدنيا ولا فى فخرها، وإن زعمتم أن هذه المجالس والدنيا التى فى أيدى عظمائكم وهم مستأثرون بها على ضعفائكم مكرمة لمن كانت فى يده منكم عند الله، فهذا خطأ من قولكم، وجور من فعلكم، ولا يدرك ما عند الله بالخطأ، ولا بخلاف ما جاء به الأنبياء عن الله من الزهادة فى الدنيا.
وأما قولكم إن جلوسى على الأرض متنحيا صنيع العبد بنفسه، ألا فصنيع العبد بنفسه صنعت، أنا عبد من عبيد الله جلست على بساط الله، ولا أستأثر من مال الله بشىء على إخوانى من أولياء الله، وأما قولكم أزريت بنفسى فى مجلسى، فإن كان ذلك إنما هو عندكم وليس كذلك عند الله، فلست أبالى كيف كانت منزلتى عندكم إذا كنت عند الله على غير ذلك، وإن قلتم أن ذلك عند الله فقد أخطأتم خطأ بينا، لأن أحب عباد الله إلى الله المتواضعون لله القريبون من عباد الله، الذين لا يشغلون أنفسهم بالدنيا، ولا يدعون التماس نصيبهم من الآخرة.
فلما فسر لهم الترجمان هذا الكلام نظر بعضهم إلى بعض وتعجبوا مما سمعوا منه، وقالوا لترجمانهم: قل له: أنت أفضل أصحابك؟ فلما قال له، قال: معاذ الله أن أقول ذلك، وليتنى لا أكون شرهم، فسكتوا عنه ساعة لا يكلمونه، وتكلموا فيما بينهم، فلما رأى ذلك قال لترجمانهم: إن كانت لهم حاجة فى كلامى وإلا انصرفت عنهم، فلما أخبرهم قالوا: قل له: أخبرونا ما تطلبون؟ وإلام تدعون؟ ولماذا دخلتم بلادنا وتركتم أرض الحبشة وليسوا منكم ببعيد، وأهل فارس وقد هلك ملكهم وهلك ابنه، وإنما يملكهم اليوم النساء، ونحن ملكنا حى وجنودنا عظيمة، وإن أنتم افتتحتم من مدائننا مدينة أو من قرانا قرية أو من حصوننا حصنا أو هزمتم لنا جندا أظننتم أنكم ظفرتم بجماعتنا أو قطعتم عنكم حربنا وفرغتم مما وراءنا، ونحن عدد نجوم السماء وحصى الأرض؟ وأخبرونا بم تستحلون قتالنا وأنتم تؤمنون بنبينا وكتابنا؟.

نام کتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله ص والثلاثة الخلفاء نویسنده : الكلاعي، أبو الربيع    جلد : 2  صفحه : 229
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست