هذا الحديث "وعظ وزجر عن كفر الإحسان وجحدِه عند بعض التغيير ومواقعةِ شيء من الإساءة؛ فإنه لا يسلم أحد مع طول المؤالفة من إساءة أو مخالفة في قول أو فعل، فلا يُجحد لذلك كثيرُ إحسانه ومتقدمُ أفضاله" [1].
والنبي - صلى الله عليه وسلم - أكمل الناس خلقاً، كان يأمر أصحابه بالتماس المعاذير لأهل الخطأ، وكان يصفح عما يقع فيه بعض أهل عشرته، ممن أحسن وأجاد فيما سبق، فلا ينسى سابقته لخطأ أخطأه أو لهفوة فعلها، فهذا هو حسن العهد الذي نسميه الوفاء.
وقد صنع ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - مع من أخطأ من أصحابه، صنعه مع حاطب بن أبي بلتعة حين أرسل إلى قريش يفشي لهم أسرار جيش النبي - صلى الله عليه وسلم - القادم إلى مكة، فأطلع الله نبيه على صنيع حاطب، فدعاه، وقال: «ما حملك على ما صنعت؟» فقال حاطب: والله ما بي أن لا أكون مؤمناً بالله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، أردت أن يكون لي عند القوم يد يَدفع الله بها عن أهلي ومالي، وليس أحد من أصحابك إلا له هناك من عشيرته من يدفع الله به عن أهله وماله. [1] المنتقى شرح الموطأ، الباجي (1/ 454).