نام کتاب : السيرة الحلبية = إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون نویسنده : الحلبي، نور الدين جلد : 3 صفحه : 20
بعد ذلك، وهذا هو الذي شبهه صلى الله عليه وسلم بعيسى ابن مريم عليه السلام، ولما قتله قومه قال صلى الله عليه وسلم «مثله في قومه كصاحب يس» كما سيأتي ذلك، فقال: يا معشر قريش إني رأيت ما يلقى منكم من بعثتموه إلى محمد إذا جاءكم من التعنيف وسوء اللفظ، وقد عرفتم أنكم والد وأني ولد، فقالوا صدقت. وهذا يدل على أن ذهاب عروة بن مسعود رضي الله تعالى عنه إنما كان بعد تكرر الرسل من قريش إليه صلى الله عليه وسلم.
وبه يعلم ما في المواهب أن عروة لما سمع قريشا توبخ بديلا ومن معه من خزاعة، قال: أي قوم، ألستم بالوالد إلى آخره. وفي لفظ: ألستم كالوالد، أي كل واحد منكم كالوالد لي وأنا كالولد له، وقيل أنتم حي قد ولدني، لأن أمه سبيعة بنت عبد شمس، قالوا بلى قال: أو لست بالولد؟ قالوا بلى، قال: فهل تتهموني؟ قالوا:
ما أنت عندنا بمتهم، فخرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس بين يديه، ثم قال: يا محمد جمعت أوباش: أي أخلاط الناس ثم جئت بهم إلى بيضتك، أي أصلك وعشيرتك لتفضها بهم، إنها قريش، قد خرجت معها العوذ المطافيل، قد لبسوا جلود النمر يعاهدون الله أن لا تدخلها عليهم عنوة أبدا، وأيم الله لكأني بهؤلاء قد انكشفوا عنك؛ أي انهزموا غدا. وفي لفظ والله لا أرى وجوها أي عظماء، وإني أرى أسرابا من الناس، خليقا أي حقيقا أن يفرو ويدعوك، وأبو بكر رضي الله تعالى عنه جالس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: اعضض بظر اللات. والبظر. قطعة تبقى في فرج المرأة بعد الختان، وقيل التي تقطعها الخاتنة، أنحن ننكشف عنه؟ قال: من هذا يا محمد؟ قال صلى الله عليه وسلم: هذا ابن أبي قحافة، فقال: أما والله لولا يد كانت لك عندي لكافأتك بها، أي على هذه الكلمة التي خاطبتني بها ولكن هذه بها. وفي رواية: والله لولا يد لك عندي لم أجزك بها لأجبتك بها، وتلك اليد التي كانت لأبي بكر رضي الله تعالى عنه عند عروة، هي أن عروة استعان في حمل دية فأعانه الرجل بالواحد من الإبل والرجل بالاثنين. وأعانه أبو بكر رضي الله عنه بعشرة إبل شواب، ثم جعل عروة يتناول لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يكلمه، أي وهذه عادة العرب أن الرجل يتناول لحية من يكلمه خصوصا عند الملاطفة، وفي الغالب إنما يصنع ذلك النظير بالنظير، لكن كأنه صلى الله عليه وسلم إنما لم يمنعه من ذلك استمالة وتأليفا له، والمغيرة بضم الميم وكسرها ابن شعبة واقف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديد وعليه المغفر، فجعل يقرع يد عروة إذا تناول لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي بنعل السيف: وهو ما يكون أسفل القراب من فضة أو غيرها، ويقول: اكفف يدك عن وجه، وفي رواية: عن مس لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن لا تصل إليك فإنه لا ينبغي لمشرك ذلك؛ وإنما فعل ذلك المغيرة رضي الله عنه إجلالا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينظر لما هو عادة العرب، فيقول للمغيرة: ويحك ما أفظك وما أغلظك، أي وما أشدّ قولك.
نام کتاب : السيرة الحلبية = إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون نویسنده : الحلبي، نور الدين جلد : 3 صفحه : 20