responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : السيرة النبوية بين الآثار المروية والآيات القرآنية نویسنده : الدبيسي، محمد بن مصطفى    جلد : 1  صفحه : 553
الشيطان وليربط على قلوبهم، ويثبت به الأقدام، والله هو الذى أوحى إلى الملائكة ليثبتوا الذى آمنوا، وألقى في قلوب الذين كفروا الرعب، وهو الذى أشرك الملائكة في المعركة، وأمرهم أن يضربوا فوق الأعناق وأن يضربوا من المشركين كل بنان، وهو الذى غنمهم الغنيمة، ورزقهم من فضله بعد أن خرجوا لا مال ولا ظهر ولا عتاد.
فلما ذكرهم بذلك، وأعلمهم أن ذلك شأنه مع الكافرين، اعترض في خلال ذلك بتحذيرهم من الوهن والفرار، فالجملة معترضة بين جملة إذ يوحى ربك للملائكة وجملة فلم تقتلوهم، وفي هذا تدريب للمسلمين على الشجاعة والثبات والاقدام لتكون تلك سيرتهم الدائمة، بعد ذلك صموداً عند اللقاء حتى يروا بشائر نصره التى لا تتخلف إن التزموا أسباب هذا النصر، وهي خطة محمودة عند العرب لم يزدها الإسلام إلا تقوية، قال الحصين بن الحمام:
تأخرت أستبقى الحياة فلم أجد ... لنفسى حياة مثل أن أتقدما (1)
بعد أن استعرض القرآن الكريم تلك المشاهد كلها، الآن يجيء الأمر للذين آمنوا أن يثبتوا إذا لقوا الذين كفروا وألا يولوهم الأدبار فراراً وهزيمة، ما دام أن النصر والهزيمة موكولة لإرادة فوق إرادة البشر، وإلى أسباب غير الأسباب الظاهرة التى يراها الناس حيث كان المسلمون مظهراً لتجلى ذلك كله من الله تعالى، وهو يريد في نفس الوقت أن يكون الجهاد والبلاء من سعيهم ليثيبهم الثواب الأوفى ويعطيهم الجزاء الأعلى.
ويكون المعنى يا أيها الذين آمنوا إذا واجهتم الذين كفروا زحفاً متدانين متقاربين، فلا تفروا عنهم إلا أن يكون ذلك مكيدة حرب تختارون بها أو تنحرفون بها إلى موقع حسن، أو تدبرون خطة أحكم، أو أن يكون ذلك انضماماً إلى فئة أخرى من المسلمين، أو إلى قواعد

(1) انظر الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير (9/ 286).
نام کتاب : السيرة النبوية بين الآثار المروية والآيات القرآنية نویسنده : الدبيسي، محمد بن مصطفى    جلد : 1  صفحه : 553
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست