نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 870
أواخر سنة تسع [1].
لم يحج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة غير حجته التي كانت في العام العاشر, وعرفت هذه الحجة بحجة البلاغ، وحجة الإسلام، وحجة الوداع؛ لأنه صلى الله عليه وسلم ودع الناس فيها ولم يحج بعدها, وحجة البلاغ لأنه صلى الله عليه وسلم بلغ الناس شرع الله في الحج قولا وعملا، ولم يكن بقي من دعائم الإسلام وقواعده شيء إلا وقد بينه, فلما بين لهم شريعة الحج ووضحه وشرحه أنزل
الله عليه بعرفة: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا) [المائدة: [3]] ولما نزلت هذه الآية بكى بعض الصحابة ومنهم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وكأنهم فهموا منها الإشارة إلى قرب أجل الرسول صلى الله عليه وسلم, ولما قيل لسيدنا عمر: ما يبكيك؟ قال: إنه ليس بعد الكمال إلا النقصان [2] , وكان عدد الذين مع رسول الله أكثر من مائة ألف [3].
أولاً: كيف حج النبي صلى الله عليه وسلم؟:
عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحج وأعلم الناس أنه حاج، فتجهزوا -وذلك في شهر ذي القعدة سنة عشر- للخروج معه، وسمع بذلك من حول المدينة، فقدموا يريدون الحج مع الرسول, صلى الله عليه وسلم ووافاه في الطريق خلائق لا يحصون، فكانوا من بين يديه, ومن خلفه, وعن يمينه، وعن شماله، مد البصر، وخرج من المدينة نهارًا بعد الظهر لخمس بقين من ذي القعدة يوم السبت، بعد أن صلى الظهر بها أربعًا [4].
وخطبهم قبل ذلك خطبة علمهم فيها الإحرام وواجباته وسننه, ثم سار وهو يلبي ويقول: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك, إن الحمد والنعمة لك والملك, لا شريك لك» [5]. والناس معه يزيدون وينقصون، وهو يقرهم، ولا ينكر عليهم، ولزم تلبيته ثم مضى حتى نزل بـ (العرج) ثم سار حتى أتى (الأبواء) فوادي (عسفان) في (سرف) ثم نهض إلى أن نزل بـ (ذي طوى) فبات بها ليلة الأحد، لأربع خلون من ذي الحجة، وصلى بها الصبح، ثم اغتسل من يومه، ونهض إلى مكة فدخلها نهارا من أعلاها، ثم سار، حتى دخل المسجد، وذلك ضحى [6]، فاستلم الركن [7] فرمل ثلاثا [8] ومشى أربعًا ثم نفذ إلى مقام إبراهيم [9] عليه السلام. [1] انظر: السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية، ص680، زاد المعاد (3/ 595). [2] انظر: السيرة النبوية لأبي شهبة (2/ 575). [3] انظر: السيرة النبوية للندوي، ص386. [4] انظر: صحيح السيرة النبوية, 664, السيرة النبوية للندوي, 386. [5] البخاري، كتاب الحج، باب التلبية رقم 1549. [6] انظر: السيرة النبوية للندوي، ص387. [7] مسلم، كتاب الحج, باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - رقم 1227. [8] الرمل: إسراع المشي مع تقارب الخطا. [9] نفذ إلى مقام إبراهيم: أي بلغه ماضيا في زحام.
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 870