نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 861
وأرسل عليًا بذلك, فهذا هو السبب في تكليف علي بتبليغ صدر صورة براءة, لا ما زعمته الرافضة من أن ذلك للإشارة إلى أن عليًا أحق بالخلافة من أبي بكر, وقد علق على ذلك الدكتور محمد أبو شهبة فقال: ولا أدري كيف غفلوا عن قول الصديق له: أمير أم مأمور؟ [1] وكيف يكون المأمور أحق بالخلافة من الأمير؟! [2].
وقد كانت هذه الحجة بمثابة التوطئة للحجة الكبرى وهي حجة الوداع [3]. لقد أعلن في حجة أبي بكر أن عهد الأصنام قد انقضى، وأن مرحلة جديدة قد بدأت، وما على الناس إلا أن يستجيبوا لشرع الله تعالى، فبعد هذا الإعلان الذي انتشر بين قبائل العرب في الجزيرة، أيقنت تلك القبائل أن الأمر جد، وأن عهد الوثنية قد انقضى فعلا, فأخذت ترسل وفودها معلنة إسلامها ودخولها في التوحيد [4].
خامسًا: عام الوفود ([9] هـ):
لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، وفرغ من تبوك, وأسلمت ثقيف وبايعت, وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم أمد أربعة أشهر لقبائل العرب المشركين لكي يقرروا مصيرهم بأنفسهم قبل أن تتخذ الدولة الإسلامية منهم موقفا معينا، ضربت إليه وفود العرب آباط الإبل من كل وجه معلنة إيمانها وولاءها [5] , وقد اختلف العلماء في تاريخ مقدم الوفود على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عددها, حيث أشارت المصادر الحديثة والتاريخية إلى قدوم بعض الوفود إلى المدينة في تاريخ مبكر عن السنة التاسعة؛ ولعل مما أدى إلى الاختلاف في تحديد عدد الوفود بين ما يزيد على ستين وفدا عند البعض، وليرتفع فيبلغ أكثر من مائة وفد عند آخرين، ولعل البعض قد اقتصر على ذكر المشهور منهم [6] فقد أورد محمد بن إسحاق أنه: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة المكرمة، وفرغ من تبوك وأسلمت ثقيف وبايعت, ضربت إليه وفود العرب من كل وجه [7].
وقد استقصى ابن سعد في جمع المعلومات عن الوفود، كما فصل كثيرًا وقدم ترجمات وافية عن رجال الوفود، ومن كانت له صحبة منهم، وما ورد عن طريقهم من آثار, ولا تخلو أسانيد ابن سعد -أحيانا- من المطاعن، كما أن فيها أسانيد من الثقات أيضا [8] ولا شك في أن الأخبار التي أوردها المؤرخون ليست ثابتة بالنقل الصحيح المعتمد وفق أساليب المحدثين, رغم أن عددا كبيرا من المرويات عن تلك الوفود ثابتة وصحيحة [9] فقد أورد البخاري معلومات عن وفد قبيلة تميم وقدومه إلى النبي صلى الله عليه وسلم, ووفود أخرى مثل: عبد القيس, وبني حنيفة، ووفد نجران، [1] انظر: صحيح السيرة النبوية، ص624. [2] انظر: السيرة النبوية لأبي شهبة، (2/ 540). [3] المصدر نفسه (2/ 540). [4] انظر: قراءة سياسية للسيرة النبوية, ص283 [5] انظر: قراءة سياسية للسيرة النبوية، ص284. [6] انظر: نضرة النعيم (1/ 396). [7] انظر: البداية والنهاية (5/ 46، 47). [8] انظر: نضرة النعيم (1/ 397). [9] انظر: السيرة النبوية الصحيحة (2/ 542).
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 861