نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 573
شماس، أو لابن عم له، فكاتبته على نفسها وكانت امرأة حلوة ملحة لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم لتستعينه في كتابتها.
قالت: فوالله ما هو أن رأيتها على باب حجرتي فكرهتها، وعرفت أنه سيرى منها ما رأيت، فدخلتْ عليه فقالت: يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه، وقد أصابني من البلاء ما لا يخفى عليك، فوقعت في السهم لثابت بن قيس بن شماس أو -لابن عم له- فكاتبته على نفسي فجئتك أستعينك على كتابتي. قال: «فهل لك في خير من ذلك؟».
قالت: وما هو يا رسول الله؟ قال: «أقض عنك كتابك وأتزوجك». قالت: نعم يا رسول الله، قد فعلت. قالت: وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تزوج جويرية بنت الحارث. فقال الناس: أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلوا ما بأيديهم. قالت: فلقد أعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق، فما أعلم امرأة أعظم بركة على قومها منها [1]. وجاء الحارث بن أبي ضرار بعد الوقعة، بفداء ابنته, إلى المدينة، فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فأسلم [2].
تعتبر غزوة المريسيع من الغزوات الفريدة المباركة التي أسلمت عقبها قبيلة بأسرها، وكان الحدث الذي أسلمت القبيلة من أجله هو أن الصحابة حرروا وردوا الأسرى الذين أصابوهم إلى ذويهم بعد أن تملكوهم باليمين في قسم الغنائم، واستكثروا على أنفسهم أن يتملكوا أصهار نبيهم عليه الصلاة والسلام، وحيال هذا العتق الجماعي، وإزاء هذه الأريحية الفذة، دخلت القبيلة كلها في دين الله.
إن مرد هذا الحدث التاريخي وسببه البعيد، هو حب الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم, وتكريمهم إياه، وإكبارهم شخصه العظيم، وكذلك يؤتي الحب النبوي هذه الثمار الطيبة، ويصنع هذه المآثر الفريدة في التاريخ.
لقد كان زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم من جويرية بنت الحارث له أبعاده، وتحققت تلك الأبعاد بإسلام قومها، فقد كان الزواج منها من أهدافه الطمع في إسلام قومها، وبذلك يكثر سواد [1] انظر: البداية والنهاية (4/ 160، 161). [2] انظر: حديث القرآن الكريم عن غزوات الرسول (1/ 317).
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 573