نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 239
والسنوات العجاف التي قضاها الرسول صلى الله عليه وسلم نضالاً مستمرًا، وكفاحًا دائمًا، وتطوافًا على القبائل، والتماسًا للحليف، قد ولت إلى غير رجعة، سيكون بعد اليوم للإسلام قوته الرادعة، وجيشه الباسل وسيلتقي الحق بالباطل ليصفي معه حساب الأيام الخوالي، والعاقبة للمتقين، وستتوالى على مكة منذ اليوم مواكب الخير وطلائع النور التي هيأها الله للخير لتتصل بالهداية وتسبح في النور، وتغترف من الخير، وترجع إلى يثرب بما وعت من خير، وبما حلمت من نور [1].
ومن الجدير بالتنبيه أن هذه المقابلة التي حدثت عند العقبة, وتلاقى فيها فريق من الخزرج بالنبي صلى الله عليه وسلم وأسلموا على يديه لم تكن فيها بيعة [2]؛ لأنها كانت من نفر صغير لا يرون لأنفسهم الحق في أن يلتزموا بمعاهدة دون الرجوع إلى قبائلهم في المدينة, ولكنهم أخلصوا في تبليغ رسالة الإسلام [3].
ثالثًا: بيعة العقبة الأولى:
بعد عام من المقابلة الأولى التي تمت بين الرسول صلى الله عليه وسلم وأهل يثرب عند العقبة وافى الموسم من الأنصار اثنا عشر رجلاً فلقوه صلى الله عليه وسلم بالعقبة, وبايعوه بيعة العقبة الأولى، (عشرة من الخزرج واثنان من الأوس) مما يشير إلى نشاط وفد الخزرج الذين أسلموا في العام الماضي، تركز على وسطهم القبلي بالدرجة الأولى, لكنهم تمكنوا في نفس الوقت من اجتذاب رجال الأوس، وكان ذلك بداية ائتلاف القبيلتين تحت راية الإسلام [4].
وقد تحدث عبادة بن الصامت الخزرجي عن البيعة في العقبة الأولى، فقال: «كنت فيمن حضر العقبة الأولى، وكنا اثني عشر رجلاً، فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة النساء وذلك قبل أن تُفترض علينا الحرب: على ألا نشرك بالله، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا, ولا نعصيه في معروف، فإن وفيتم فلكم الجنة، وإن غشيتم من ذلك شيئًا فأمركم إلى الله عز وجل, إن شاء غفر وإن شاء عذب» [5].
وبنود هذه البيعة هي التي بايع الرسول صلى الله عليه وسلم عليها النساء فيما بعد ولذلك عرفت باسم بيعة النساء [6]، وقد بعث الرسول صلى الله عليه وسلم مع المبايعين مصعب بن عمير, يعلمهم الدين ويقرئهم [1] انظر: أضواء على الهجرة لتوفيق محمد سبع، ص273، 274. [2] انظر: هجرة الرسول وصحابته للجمل، ص143. [3] هجرة الرسول وصحابته للجمل، ص143. [4] انظر: السيرة النبوية الصحيحة (1/ 197). [5] صحيح مسلم [41 - (1709)]. [6] انظر: الغرباء الأولون، ص185.
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 239