المبحث الرابع: الدخول في الإسلام على الرغم من الأذى
1 - إسلام حمزة - رضي الله عنه -
جاء في قصة إسلامه عليه رضوان الله عليه آثار مرسلة بأسانيد رجالها ثقات:
69 - عن محمَّد بن كعب القرظي قال: "كان إسلام حمزة بن عبد المطلب - رضي الله عنه - حَمِيَّةً، وكان يخرج من الحرم فيصطاد، فإذا رجع مر بمجلس قريش، وكانوا يجلسون عند الصفا والمروة، فيمر بهم فيقول: رميت كذا وكذا، وصنعت كذا وكذا، ثم ينطلق إلى منزله، فأقبل من رميه ذات يوم، فلقيته امرأة فقالت: يا أبا عمارة، ماذا لقي ابن أخيك من أبي جهل بن هشام! شتمه، وتناوله، وعمل وفعل.
فقال: هل رآه أحد؟
قالت: أي والله، لقد رآه ناس.
فأقبل حتى انتهى إلى ذلك المجلس عند الصفا والمروة، فإذا هم جلوس وأبو جهل فيهم.
فاتكأ على قوسه، وقال: رميت كذا وكذا، وفعلت كذا وكذا، ثم جمع يديه بالقوس، فضرب بها بين أذني أبي جهل فوق سنتها، ثم قال: خذها بالقوس، وأخرى بالسيف: وأشهد أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنه جاء بالحق من عند الله. قالوا: يا أبا عمارة إنه سبَّ آلهتنا، وإن كنت أنت، وأنت أفضل منه، ما أقررناك وذاك، وما كنت يا أبا عمارة فاحشًا" [1].
وقد جاء من حديث ابن إسحاق عن رجل من أسلم، فذكر القصة أطول مما ذكرت هنا [2]. [1] قال الهيثمي في المجمع: 9/ 267، رواه الطبراني مرسلًا، ورجاله رجال الصحيح، وقد جاء بنحوه عن يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس بن شريق حليف بني زهرة، وقال الهيثمي: 9/ 267 رواه الطبراني مرسلًا، ورجاله ثقات. ومجموع الطرق المرسلة تفيد الحديث قوة وصحة. [2] رواه الحاكم في المستدرك:3/ 192 - 193، وابن كثير في السيرة: 1/ 445 - 446، وقال: وهكذا رواه البيهقي عن الحاكم، عن الأصم، عن أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق فذكره، انظر دلائل النبوة للبيهقي: 2/ 213 - 214 والسيرة النبوية لابن هشام:1/ 360.