في الإِسلام، ثم قال: (أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم).
قال: فأخذ البراء بن معرور بيده، ثم قال: نعم، والذي بعثك بالحق نبيًّا، لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا، فبايعنا يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنحن والله أبناء الحروب وأهل الحلقة [1]، ورثناها كابرا عن كابر.
قال: فاعترض القول، والبراء يكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو الهيثم بن التيهان، فقال: يا رسول الله، إن بيننا وبين الرجال حبالًا، وإنا قاطعوها -يعني اليهود- فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك، ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟
قال فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: (بل الدم الدم، والهدم الهدم أنا منكم وأنتم مني، أحارب من حاربتم، وأسالم من سالمتم).
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أخرجوا لي اثنى عشر نقيبًا منكم يكونون على قومهم، فأخرجوا منهم اثني عشر نقيبا منهم تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس).
- وأما معبد بن مالك حديثه عن أخيه عن أبيه كعب بن مالك -قال: كان أول من ضرب على يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البراء بن معرور، ثم بايع بعد القوم، فلما بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صرخ الشيطان من رأس العقبة بأنفذ صوت سمعته قط: يا أهل الحباحب -المنازل- هل لكم في مذمم والصباة معه، قد اجتمعوا على حربكم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (هذا أزب العقبة، هذا ابن أزيب -أتسمع أي عدو الله، أما والله لأفرغن لك).
ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ارفضوا إلى رحالكم). قال: فقال له العباس بن عبادة بن فضله: والله الذي بعثك بالحق: إن شئت لنميلن على أهل منى غدًا بأسيافنا؟
قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لم نؤمر، بذلك ولكن ارجعوا إلى رحالكم).
قال: فرجعنا إلى مضاجعنا، فنمنا عليها حتى أصبحنا. [1] الحلقة: السلاح. الهدم الهدم: أي ذمتي ذمتكم، وحرمتي حرمتكم. مذمم: المذموم جدًّا، الصباة: جمع صابئ، وكان يقال للرجل إذا أسلم في زمن النبي صابئ أزب العقبة: اسم شيطان. ارفضوا: تفرقوا.