من وجه السيوف، ويشير إلى مكان بعثته الوعر من بلاد العرب، وهي صفة مكة المكرمة، مكان مولِدِه وبعثته - صلى الله عليه وسلم -.
فشهادة ورقة - وهو من علماء أهل الكتاب - دليل ساطع على نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذه الشهادة موثقة معتبرة، فقد استخرجها من كتب أهل الكتاب، مما تبقى بها من آثار الأنبياء وأنوار الوحي {ويقول الذين كفروا لست مرسلاً قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب} (الرعد: 43).
وممن شهد لنبينا بالرسالة من أهل الكتاب النجاشي ملك الحبشة؛ فإنه آمن بالرسول - صلى الله عليه وسلم - لما دخل عليه جعفر بن أبي طالب فقال له: إن الله بعث فينا رسوله، وهو الرسول الذي بشّر به عيسى بن مريم: {ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد} (الصف: 6) فأمرنا أن نعبد الله، ولا نشرك به شيئاً، ونقيم الصلاة، ونؤتي الزكاة، وأمرنا بالمعروف ونهانا عن المنكر.
فقال النجاشي لجعفر: ما يقول صاحبك في ابن مريم؟ قال: يقول فيه قولَ الله، هو روح الله وكلمته، أخرجه من البتول العذراء التي لم يقربها بشر.
قال: فتناول النجاشي عوداً من الأرض فقال: يا معشر القسيسين والرهبان، ما يزيد ما يقول هؤلاء على ما تقولون في ابن مريم ما يزن هذه، مرحباً بكم وبمن جئتم من عنده، فأنا أشهد أنه رسول الله، والذي بشّر به عيسى ابن مريم، ولولا ما أنا فيه من الملك لأتيته حتى أحمل نعليه. (1)
لقد أسلم - رحمه الله - بما آتاه الله من معرفة بالكتب قبل الإسلام، ورأى فيها دليلاً صادقاً من دلائل نبوته - صلى الله عليه وسلم -، فلما مات رحمه الله؛ نعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أصحابه في اليوم الذي مات فيه، وصلى عليه صلاة الغائب، وقال: ((مات اليوم رجل صالح، فقوموا، فصلوا على أخيكم أصْحمة)). [2] رحمه الله، فقد كان إسلامه دليلاً من دلائل نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(1) رواه أبو داود ح (3205)، وأحمد ح (4836) وابن أبي شيبة ح (36640). [2] رواه البخاري ح (3877)، ومسلم ح (952).