فإنه لا معبودَ بحقٍّ سواه، كما قال تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (163) سورة البقرة.
هذا وقد بين الله تعالى قضية الإيمان به تعالى في سورة قصيرة من سور القرآن يحفظها كل مسلم حتى يتقرر لديه مقتضى الإيمان بالله وحده ألا وهي سورة الإخلاص: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [1] اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)} سورة الإخلاص
تفرّد بصفات الجلال والكمال التي وصف بها نفسه في كتابه، أو وصفه بها نبيه - صلى الله عليه وسلم - في سنَّته، فلا نَصِفُ أحداً من خلقه بشيء من صفاته، ولا نُلحدُ في أسماء ربنا وصفاته. قال تعالى: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (180) سورة الأعراف.
بل نؤمن بما وصف سبحانه به نفسه، وبما وصفه به رسوله عليه الصلاة والسلام من غير تحريفٍ ولا تعطيلٍ، ومن غير تكييفٍ ولا تمثيلٍ، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (27) سورة الروم.
الثالث- الإيمانُ بحاكميته تعالى:
فالحاكميةُ مصدرٌ صناعي يؤدي المعنى الذي يؤديه المصدر القياسي (الحكم)،ومعنى توحيد الحاكمية: أي إفراد الله سبحانه بالحكم والتشريع، وأنه سبحانه هو الحكَمُ والمشرع، وأنه لا يشرك في حكمه أحداً.
ولا شك أن الحاكمية بهذا المفهوم من أصول الدين ومقتضيات "لا إله إلا الله" ومن توحيد الألوهية الذي نزلت به الكتب، وأرسلت لأجله الرسل، وهي قضية ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع.
قال العلامة الشنقيطي في أضواء البيان عند قوله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} (10) سورة الشورى ([1]): [1] - أضواء البيان - (ج 7 / ص 150) فما بعد