responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أركان الإيمان نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 201
قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) [البقرة/[2] - 5]}.
فاليقينُ بالآخرة هو مفرقُ الطريق بين من يعيشُ بين جدرانِ الحسِّ المغلقةِ، ومن يعيشُ في الوجودِ المديد الرحيب. بين من يشعرُ أن حياتَه على الأرض هيَ كلُّ ما له في هذا الوجود، ومن يشعرُ أن حياتَه على الأرض ابتلاءٌ يمهِّدُ للجزاء، وأنَّ الحياةَ الحقيقية إنما هي هنالكَ، وراء هذا الحيِّز الصغيرِ المحدودِ [1].
واليقينُ بالآخرة هو الضمانُ ليقظةِ القلب البشري، وتطلعِه إلى ما عند الله، واستعلائهِ على أوهاق [2] الأرض، وترفعُه على متاع الحياة الدنيا؛ ومراقبةِ الله في السرِّ والعلن وفي الدقيقِ والجليلِ؛ والوصول ِإلى درجة الإحسانِ التي سئل عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «الإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» [3].
وهؤلاءِ المحسنونُ هم الذين يكون الكتاب لهم هدىً ورحمةً؛ لأنهم بما في قلوبهِم من تفتحٍ وشفافيةٍ يجدون في صحبةِ هذا الكتاب راحةً وطمأنينةً؛ ويتَّصِلون بما في طبيعتهِ من هدى ونورٍ، ويدركونَ مراميهِ وأهدافهِ الحكيمة ِ، وتصطلحُ نفوسُهم عليه، وتحسُّ بالتوافقِ والتناسق ووحدةِ الاتجاه، ووضوحِ الطريق.
وإنَّ هذا القرآن ليعطي كلَّ قلبٍ بمقدارِ ما في هذا القلب من حساسيةٍ وتفتحٍ وإشراقٍ؛ وبقدر ما يقبلُ عليه في حب ٍّوتطلعٍ وإعزازٍ.إنه كائنٌ حيٌّ يعاطفُ القلوبَ الصديقةَ، ويجاوبُ المشاعر المتوجهةَ إليه بالرفرفةِ والحنينِ!
{أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (5) سورة البقرة. ومن هُديَ فقد أفلحَ، فهو سائرٌ على النورِ، واصلٌ إلى الغاية ِ، ناجٍ من الضلالِ في الدنيا، ومن عواقبِ الضلالِ في الآخرة؛ وهو مطمئنٌ في رحلته على هذا الكوكبِ تتناسقُ خطاهُ مع دورة

[1] - في ظلال القرآن للسيد قطب - ت- علي بن نايف الشحود [ص 233]
[2] - الأوهاق جمع وهق: وهو الحبْلُ المُغارُ يُرْمى في أُنشوطَة فتؤْخَذُ به الدابّة والإنسانُ - تاج العروس - (ج 1 / ص 6621)
[3] - أخرجه البخاري برقم (4777)
نام کتاب : أركان الإيمان نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 201
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست