فالدرجةُ الأولى: الإيمانُ بأن اللهَ علِمَ ما الخلقُ عاملونَ، فسبقَ علمُه في كلِّ كائن ٍفي خلقِه، فقدَّرَ ذلك تقديراً محكماً قال تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} (61) سورة يونس، وقال تعالى: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} (2) سورة الفرقان ر، وقال: {مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا} (38) سورة الأحزاب. الدرجة الثانية: الإيمانُ بمشيئةِ الله النافذةِ، وقدرتهِ الشاملةِ، وأنَّ ما شاء اللهُ كانَ، وما لم يشأْ لم يكنْ، وأنهُ ما في السماواتِ والأرضِ منْ حركةٍ ولا سكونٍ إلا بمشيئةِ الله سبحانه وتعالى، ولا يكون في ملكِه إلا ما يريدُ. عن عَبْدِ الْحَمِيدِ مَوْلَى بَنِى هَاشِمٍ أَنَّ أُمَّهُ حَدَّثَتْهُ وَكَانَتْ تَخْدِمُ بَعْضَ بَنَاتِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ بِنْتَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَتْهَا أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُعَلِّمُهَا فَيَقُولُ «قُولِى حِينَ تُصْبِحِينَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَىْءٍ عِلْمًا فَإِنَّهُ مَنْ قَالَهُنَّ حِينَ يُصْبِحُ حُفِظَ حَتَّى يُمْسِىَ وَمَنْ قَالَهُنَّ حِينَ يُمْسِى حُفِظَ حَتَّى يُصْبِحَ» (أخرجه أبو داود) [1].
5. ومع ذلك فقدْ أمرَ العباد بطاعتِه وطاعةِ رسلهِ ونهاهُم عن معصيتِهِ، قال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} (12) سورة التغابن، وهو سبحانه يحبُّ المتقين، قال تعالى: {بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} (76) سورة آل عمران، ويحبٌّ المحسنينَ، قال تعالى: { .. إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (195) سورة البقرة، ويحب ُّالمقسطين، قال تعالى: { .. إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (42) سورة المائدة، ويرضَى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) جَزَاؤُهُمْ [1] - برقم (5077) وهو حسن فيه عبد الحميد مولى بني هاشم وثقه ابن حبان والذهبي في الكاشف (3160)