قاطع في إبطال مقصوده الباطل، ولاسيما أن أكثر الروايات صرحت بأنه أشار إلى المشرق. وفي بعضها العراق، والواقع التاريخي يشهد لذلك.
وأما رواية عكرمة فهي شاذة كما سبق، ولو قيل بصحتها، فهي مختصرة جدًا اختصارًا مخلاً، استغله الشيعي استغلالاً مرًا، كما يدل عليه مجموع روايات الحديث، فالمعنى: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت عَائِشَة رضي الله عنها، فصلى الفجر، ثم قام خطيبًا إلى جنب المنبر وفي رواية: «عِنْدَ بَابِ عَائِشَة» فاستقبل مطلع الشمس، فأشار بيده، نحو المشرق، وفي رواية للبخاري: «فَأَشَارَ نَحْوَ مَسْكَنِ عَائِشَة»، وفي أخرى لأحمد: «يُشِيرُ بِيَدِهِ يَؤُمُّ الْعِرَاقَ».
فإذا أمعن المنصف المتجرد عن الهوى في هذا المجموع قطع ببطلان ما رمى إليه الشيعي من الطعن في السيدة عَائِشَة رضي الله عنها، عامله الله بما يستحق" [1].
وفي الرواية الصحيحة الثابتة في البخاري - والتي ذكرناها آنفًا - عن عبد الله رضي الله عنه قال: «قَامَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم خَطِيبًا، فَأَشَارَ نَحْوَ مَسْكَنِ عَائِشَة، فَقَالَ: هُنَا الفِتْنَةُ - ثَلاَثًا - مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ» [2].
وأما الثاني: وهو التيجاني السماوي فقد رد عليه الرحيلي، فقال: "قول الراوي: «فَأَشَارَ نَحْوَ مَسْكَنِ عَائِشَة» على أن الإشارة كانت لبيت عَائِشَة وأنها سبب الفتنة، والحديث لا يدل على هذا بأي وجه من الوجوه، وهذه العبارة لا تحتمل هذا الفهم عند من له أدنى معرفة بمقاصد الكلام. [1] سلسلة الأحاديث الصحيحة 5/ 656، 657. [2] سبق تخريجه.