المطلب الأول
التَّحْذِير من الْوُقُوعِ في شِبَاك الشُّبُهَات
قبل الحديث عن التحذير من الوقوع في الشُّبُهَات يَجْدُر بي أن أُعَرِّفَ بالشُّبْهَة لغةً، واصطلاحًا.
فالشُّبْهَة في اللغة هي: الالتباس والاختلاط، وشُبِّهَ عليه الأَمْرُ تَشْبيهًا: لُبِّسَ عليه، وجمعها شُبَه وشُبُهات [1].
وفي الاصطلاح: التباس الحق بالباطل واختلاطه حتى لا يتبيَّن [2]، وقال بعضهم: هي ما يشبه الثابت وليس بثابت [3]، وقد عرفها ابن القيم [4] رحمه الله فقال: "الشُّبْهَة: وَارِد يرد على الْقلب يحول بَينه وَبَين انكشاف الحق" [5].
والشُّبُهَات أحد نوعي الفتن التي ترد على القلوب؛ لأن القلب ترد عليه فتنتان: فتنة الشُّبْهَة، وفتنة الشهوة، وفتنة الشُّبْهَة أخطر؛ لأنها إذا تمكنت في القلب قلَّ أن ينجو منها أحد؛ وفي ذلك يقول ابن القيم رحمه الله: "الْقلب يتوارده [1] ينظر: تهذيب اللغة 6/ 59، ولسان العرب 13/ 503، وتاج العروس 36/ 411 ....... [2] ينظر: التعريفات ص (165)، وأنيس الفقهاء ص (105)، ومعجم لغة الفقهاء ص (257). [3] ينظر: بدائع الصنائع 7/ 36، ودرر الحكام 2/ 64، والدر المختار 4/ 23، والموسوعة الفقهية 24/ 25. [4] هو: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد، من أعلام الإصلاح الديني في القرن الثامن الهجري، ولد في دمشق سنة (691هـ)، وتتلمذ على يد ابن تيمية، حيث تأثر به تأثرًا كبيرًا وهو الذي هذب كتبه ونشر علمه، ولابن القيم مصنفات كثيرة في علوم شتى منها: (زاد المعاد في هدي خير العباد)، و (مدارج السالكين ومنازل السائرين)، و (إعلام الموقعين عن رب العالمين)، مات سنة (751هـ).
ينظر في ترجمته: الدار الكامنة 3/ 400، والشهادة الزكية 1/ 33، والأعلام 6/ 56. [5] مفتاح دار السعادة 1/ 140.