الله عنها - أنها زارت قبر أخيها عبد الرحمن وكان قد مات في غيبتها، وقالت: لو شهدتك ما زرتك. وهذا يدل على أن الزيارة ليست مستحبة للنساء، وأيضًا فإن الصلاة على الجنازة أوكد من زيارة القبور، ومع هذا فقد ثبت في الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى النساء عن اتباع الجنائز. وفي ذلك تفويت صلاتهن على الميت؛ فإذا لم يستحب لهن اتباعها مع ما فيه من الصلاة والثواب فكيف بالزيارة؟
الثالث: أنه قد جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عن زوَّارات القبور من طريقين: وذكر حديثي أبي هريرة وابن عباس - رضي الله عنهما - في أول الباب، وذكر أنه ليس في إسنادهما متهم بالكذب، وكلاهما حجة بلا ريب، ورجال الأول منهما ليسوا برجال الآخر. ثم قال: فإن قيل: هذا منسوخ بحديث الإذن السابق. فالجواب ما تقدم من أن النساء لا يدخلن في الإذن؛ وأيضا فقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لعن الله زوارات القبور - أو زائرات القبور» خاصٌّ بهن. وقوله: «فزوروها» بطريق التبع؛ فيدخلن بعموم ضعيف .. إما أن يكون مختصًّا بالرجال، وإما أن يكون متناولًا للنساء، والعامُّ إذا عُرِفَ أنه بعد الخاص لم يكن ناسخًا له عند جمهور العلماء؛ فكيف إذا لم يعلم أن هذا العامَّ بعد الخاص؛ إذ قد يكون قوله: «لعن الله زوارات