كافة أهل نجد والجزيرة من البادية والحاضرة تحت ولايتهم، والتزموا ما دعوا إليه ودانوا به. ولم يوجد في نجد من البادية والحاضرة من لم يدخل في هذا الدين ولم يلتزم شرائعه؛ بل شملتهم الدعوة الإسلامية والتزموا أحكام الإسلام وواجباته. وأقاموا على ذلك مدة سنين في أمن وعافية وعز وتمكين، وبنودهم تخفق شرقا وغربا جنوبا وشمالا، حتى دهمهم ما دهمهم من الحوادث العظام، التي أزعجت القلوب وزلزلتهم من الأوطان، عقوبة قدرية سببها ارتكاب الذنوب والمعاصي، لأن من عصى الله، وهو يعرفه سلط عليه من لا يعرفه، والفتنة التي حلت بهم هي فتنة العساكر التركية والمصرية، فانتثر نظام الإسلام، وشتت أنصاره وأعوانه، وارتحلت الدولة الإسلامية، وأعلن أهل النفاق بنفاقهم، فرجع من رجع إلى دين آبائه وإلى ما كان سابقا من الشرك والكفر، وثبت من ثبت على الإسلام، وقام بهم من أمور الجاهلية أشياء لا تخرج من ثبت منهم عن الإسلام.
إذا تبين لك، هذا فاعلم أن الكفر الموجود في أعراب نجد الذين قد دخلوا في الإسلام سابقا إنما هو كفر، طارئ، لا كفر أصلي، فيعامل من وجد منه مكفر بما يعامل به أهل الردة، ولا يحكم عليهم بعموم الكفر؛ لأنه يوجد فيهم من هو ملتزم لشرائع الإسلام وواجباته.. وأما من ظاهره الإسلام منهم، ولكن ربما قد يوجد فيهم من الكفر العملي الذي لا يخرج من الملة، وفيهم شيء من أمور الجاهلية ومن أنواع المعاصي، صغائر كانت أو كبائر، فلا يعاملون معاملة المرتدين، بل يعاملون بالنصح برفق ولين، ويبغضون على ما معهم من هذه الأوصاف.
وليعلم أن المؤمن تجب موالاته ومحبته على ما معه من الإيمان، ويبغض