responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاعتصام - ت الشقير والحميد والصيني نویسنده : الشاطبي، إبراهيم بن موسى    جلد : 1  صفحه : 234
الضَّالُّ، وَالشَّاةُ الضَّالَّةُ. وَرَجُلٌ ضَلَّ عَنِ الطَّرِيقِ إِذَا خَرَجَ عَنْهُ، لِأَنَّهُ الْتُبِسَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ هَادٍ يَهْدِيهِ، وَهُوَ الدَّلِيلُ.
فصاحب البدعة لما غلب عليه الْهَوَى مَعَ الْجَهْلِ بِطَرِيقِ السُّنَّةِ، تَوَهَّمَ أَنَّ مَا ظَهَرَ لَهُ بِعَقْلِهِ هُوَ الطَّرِيقُ الْقَوِيمُ دُونَ غَيْرِهِ، فَمَضَى عَلَيْهِ، فَحَادَ بِسَبَبِهِ عَنِ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ، فَهُوَ ضَالٌّ مِنْ حَيْثُ ظَنَّ أَنَّهُ رَاكِبٌ لِلْجَادَّةِ [1]، كَالْمَارِّ بِاللَّيْلِ عَلَى الْجَادَّةِ وَلَيْسَ لَهُ دَلِيلٌ يَهْدِيهِ، يُوشِكُ أَنْ يَضِلَّ عنها، فيقع في متلفة [2]، وَإِنْ كَانَ بِزَعْمِهِ يَتَحَرَّى قَصْدَهَا.
فَالْمُبْتَدِعُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِنَّمَا ضَلَّ فِي أَدِلَّتِهَا حَيْثُ أَخَذَهَا مَأْخَذَ الْهَوَى وَالشَّهْوَةِ، لَا مَأْخَذَ الِانْقِيَادِ تَحْتَ أَحْكَامِ اللَّهِ. وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُبْتَدِعِ وَغَيْرِهِ، لِأَنَّ الْمُبْتَدِعَ جَعَلَ الْهَوَى أَوَّلَ مَطَالِبِهِ، وَأَخَذَ [3] الْأَدِلَّةَ بِالتَّبَعِ، وَمِنْ شَأْنِ الْأَدِلَّةِ أَنَّهَا جَارِيَةٌ عَلَى كَلَامِ الْعَرَبِ، وَمِنْ شَأْنِ كلامها الاحتراز فيه بالظواهر، فقلما تجد [4] فيه نصاً لا يحتمل حسبما قرره من تقدم في غير هذا الْعِلْمِ، وَكُلُّ ظَاهِرٍ يُمْكِنُ [5] فِيهِ أَنْ يُصْرَفَ عَنْ مُقْتَضَاهُ فِي الظَّاهِرِ [6] الْمَقْصُودِ، وَيُتَأَوَّلُ عَلَى غَيْرِ مَا قُصِدَ فِيهِ. فَإِذَا انْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ الْجَهْلُ بِأُصُولِ الشَّرِيعَةِ وَعَدَمُ الِاضْطِلَاعِ بِمَقَاصِدِهَا، كَانَ الْأَمْرُ أَشَدَّ وَأَقْرَبَ إِلَى التَّحْرِيفِ وَالْخُرُوجِ عن مقاصد الشرع. فكان المدرك أعرق [7] فِي الْخُرُوجِ عَنِ السُّنَّةِ، وَأَمْكَنُ فِي ضَلَالِ الْبِدْعَةِ، فَإِذَا غَلَبَ الْهَوَى أَمْكَنَ انْقِيَادُ أَلْفَاظِ الْأَدِلَّةِ إِلَى مَا أَرَادَ مِنْهَا.
وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّكَ لَا تَجِدُ مُبْتَدِعًا [8] مِمَّنْ يُنْسَبُ إلى الملة

[1] الجادة هي معظم الطريق، وجمعها جواد.
انظر: الصحاح للجوهري (2/ 452).
[2] في (خ) وأصل (م) و (ط): "متابعة". وفي (ت): "متاعب"، وفي (ر): "متلفة".
[3] في (ت): "فأخذ".
[4] في (خ) و (ط) وأصل (م): "فكما تجب"، وفي (ت): "كما تجب".
[5] في (ت): "ممكن".
[6] في (ت): "الظر".
[7] في (خ) و (ت): "أغرق".
[8] في (غ): "متبوعاً".
نام کتاب : الاعتصام - ت الشقير والحميد والصيني نویسنده : الشاطبي، إبراهيم بن موسى    جلد : 1  صفحه : 234
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست