responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاعتصام - ت الهلالي نویسنده : الشاطبي، إبراهيم بن موسى    جلد : 2  صفحه : 731
وَهُمْ مِنْ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ، فَلَابُدَّ مِنَ التَّصْرِيحِ بِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدْعَةِ وَالضَّلَالَةِ، وَنِسْبَتُهُمْ إِلَى الْفِرَقِ إِذَا قَامَتْ لَهُ الشُّهُودُ عَلَى أَنَّهُمْ مِنْهُمْ. كَمَا اشْتُهِرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِ. فَرَوَى عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ. قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى قَتَادَةَ فَذَكَرَ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ فَوَقَعَ فِيهِ وَنَالَ مِنْهُ. فَقُلْتُ: أَبَا الْخَطَّابِ: أَلَا أَرَى الْعُلَمَاءَ يَقَعُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ؟ فَقَالَ: يَا أَحْوَلُ أَوَلَا تَدْرِي أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا ابْتَدَعَ بِدَعَةً فَيَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُذْكَرَ حَتَّى تُحْذَرَ؟ فَجِئْتُ مِنْ عِنْدِ قَتَادَةَ وَأَنَا مُغْتَمٌّ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ قَتَادَةَ فِي عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ، وَمَا رَأَيْتُ مَنْ نَسُكِهِ وَهَدْيِهِ، فَوَضَعْتُ رَأْسِي نِصْفَ النَّهَارِ وَإِذَا عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ وَالْمُصْحَفُ فِي حِجْرِهِ وَهُوَ يَحُكُّ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ. فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! تَحُكُّ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ إِنِّي سَأُعِيدُهَا. قَالَ: فَتَرَكْتُهُ حَتَّى حَكَّهَا. فَقُلْتُ لَهُ: أَعِدْهَا. فَقَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ.
فَمِثْلُ هَؤُلَاءِ لَابُدَّ مِنْ ذِكْرِهِمْ وَالتَّشْرِيدِ بِهِمْ، لِأَنَّ مَا يَعُودُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ ضَرَرِهِمْ إِذَا تُرِكُوا، أَعْظَمُ مِنَ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ بِذِكْرِهِمْ وَالتَّنْفِيرِ عَنْهُمْ إِذَا كَانَ سَبَبُ تَرْكِ التَّعْيِينِ الْخَوْفُ مِنَ التَّفَرُّقِ وَالْعَدَوَاةِ. وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّفْرِيقَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ الدَّاعِينَ لِلْبِدْعَةِ وَحْدَهُمْ - إِذَا أُقِيمَ - عَلَيْهِمْ أَسْهَلُ مِنَ التَّفَرُّقِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ الدَّاعِينَ وَمَنْ شَايَعَهُمْ وَاتَّبَعَهُمْ، وَإِذَا تَعَارَضَ الضَّرَرَانِ يُرْتَكَبُ أَخَفُّهُمَا وَأَسْهَلُهُمَا، وَبَعْضُ الشَّرِّ أَهْوَنُ مِنْ جَمِيعِهِ، كَقَطْعِ الْيَدِ الْمُتَآكِلَةِ، إِتْلَافُهَا أَسْهَلُ مِنْ إِتْلَافِ النَّفْسِ. وَهَذَا شَأْنُ الشَّرْعِ أَبَدًا: يَطْرَحُ حُكْمَ الْأَخَفِّ وِقَايَةً مِنَ الْأَثْقَلِ.
فَإِذَا فُقِدَ الْأَمْرَانِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرُوا وَلَا أَنْ يُعَيَّنُوا إِنْ وُجِدُوا، لِأَنَّ ذَلِكَ أَوَّلُ مُثِيرٍ لِلشَّرِّ وَإِلْقَاءِ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ، وَمَتَى حَصَلَ بِالْيَدِ مِنْهُمْ أَحَدٌ

نام کتاب : الاعتصام - ت الهلالي نویسنده : الشاطبي، إبراهيم بن موسى    جلد : 2  صفحه : 731
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست