responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاعتصام - ت الهلالي نویسنده : الشاطبي، إبراهيم بن موسى    جلد : 2  صفحه : 570
وَعَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ يَكُونُ قِسْمُ الْعَادِيَّاتِ دَاخِلًا فِي قِسْمِ الْعِبَادَيَّاتِ، فَدُخُولُ الِابْتِدَاعِ فِيهِ ظَاهِرٌ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى خِلَافِ هَذَا.
وَعَلَيْهِ نَبْنِي الْكَلَامَ فَنَقُولُ: ثَبَتَ فِي الْأُصُولِ الشَّرْعِيَّةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي كُلِّ عَادِيٍّ مِنْ شَائِبَةِ التَّعَبُّدِ، لِأَنَّ مَا لَمْ يُعْقَلْ مَعْنَاهُ عَلَى التَّفْصِيلِ مِنَ الْمَأْمُورِ بِهِ أَوِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ؛ فَهُوَ الْمُرَادُ بِالتَّعَبُّدِيِّ، وَمَا عُقِلَ مَعْنَاهُ وَعُرِفَتْ مَصْلَحَتُهُ أَوْ مَفْسَدَتُهُ فَهُوَ الْمُرَادُ بِالْعَادِيِّ، فَالطَّهَارَاتُ وَالصَّلَوَاتُ وَالصِّيَامُ وَالْحَجُّ كُلُّهَا تَعَبُّدِيٌّ، وَالْبَيْعُ وَالنِّكَاحُ وَالشِّرَاءُ وَالطَّلَاقُ وَالْإِجَارَاتُ وَالْجِنَايَاتُ كُلُّهَا عَادِيٌّ، لِأَنَّ أَحْكَامَهَا مَعْقُولَةُ الْمَعْنَى، وَلَا بُدَّ فِيهَا مِنَ التَّعَبُّدِ، إِذْ هِيَ مُقَيَّدَةٌ بِأُمُورٍ شَرْعِيَّةٍ لَا خِيرَةَ لِلْمُكَلَّفِ فِيهَا؛ كَانَتِ اقْتِضَاءً أَوْ تَخْيِيرًا؛ فَإِنَّ التَّخْيِيرَ فِي التَّعَبُّدَاتِ إِلْزَامٌ، كَمَا أَنَّ الِاقْتِضَاءَ إِلْزَامٌ ـ حَسْبَمَا تَقَرَّرَ بُرْهَانُهُ فِي كِتَابِ " الْمُوَافَقَاتِ " ـ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ - فَقَدْ ظَهَرَ اشْتِرَاكُ الْقِسْمَيْنِ فِي مَعْنَى التَّعَبُّدِ، فَإِنْ جَاءَ الِابْتِدَاعُ فِي الْأُمُورِ الْعَادِيَّةِ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ؛ صَحَّ دُخُولُهُ فِي الْعَادِيَّاتِ كَالْعِبَادِيَّاتِ، وَإِلَّا فَلَا.
وَهَذِهِ هِيَ النُّكْتَةُ الَّتِي يَدُورُ عَلَيْهَا حُكْمُ الْبَابِ، وَيَتَبَيَّنُ ذَلِكَ بِالْأَمْثِلَةِ:
فَمِمَّا أَتَى بِهِ الْقَرَافِيُّ وَضْعُ الْمُكُوسِ فِي مُعَامَلَاتِ النَّاسِ، فَلَا يَخْلُو هَذَا الْوَضْعُ الْمُحَرَّمُ أَنْ يَكُونَ عَلَى قَصْدِ حَجْرِ التَّصَرُّفَاتِ وَقْتًا مَا، أَوْ فِي حَالَةٍ مَا، لِنَيْلِ حُطَامِ الدُّنْيَا، عَلَى هَئْيَةِ غَصْبِ الْغَاصِبِ، وَسَرِقَةِ السَّارِقِ، وَقَطْعِ الْقَاطِعِ لِلطَّرِيقِ. . .، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، أَوْ يَكُونَ عَلَى قَصْدِ وَضْعِهِ عَلَى النَّاس؛ كَالدِّينِ الْمَوْضُوعِ وَالْأَمْرِ الْمَحْتُومِ عَلَيْهِمْ دَائِمًا، أَوْ فِي أَوْقَاتٍ مَحْدُودَةٍ، عَلَى كَيْفِيَّاتٍ مَضْرُوبَةٍ، بِحَيْثُ تُضَاهِي الْمَشْرُوعَ الدَّائِمَ

نام کتاب : الاعتصام - ت الهلالي نویسنده : الشاطبي، إبراهيم بن موسى    جلد : 2  صفحه : 570
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست