responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 60
د) التَّبَرُّكُ بِالمَوَاضِعِ الَّتِيْ جَلَسَ عَلَيْهَا أَوْ صَلَّى فِيْهَا. وَهَذِهِ الفَقَرَةُ يُبْنَى فَهْمُهَا عَلَى مَعْرِفَةِ حَالَيْنِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ هَذِهِ المَوَاضِعِ:
الأَوَّلُ) مَا قَصَدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ العِبَادَاتِ فِي مَكَانٍ مَا [1]؛ فَإِنَّهُ يُشْرَعُ قَصْدُهُ - اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَلَبًا لِلأَجْرِ. (2)
الثَّانِي) مَا حَصَلَ اتِّفَاقًا، أَيْ: لَمْ يَتَقَصَّدْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَإِنَّهُ لَا يُشْرَعُ تَقَصُّدُه. (3)
قَالَ المَعْرُوْرُ بْنُ سُوَيْدٍ الأَسَدِيُّ؛ خَرَجْتُ مَعَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى المَدِيْنَةِ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا صَلَّى بِنَا الغَدَاةَ، ثُمَّ رَأَى النَّاسَ يَذْهَبُوْنَ مَذْهَبًا، فَقَالَ: أَيْنَ يَذْهَبُ هَؤلَاءِ؟ قَيْلَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! مَسْجِدٌ صَلَّى فِيْهِ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمْ يَأْتُوْنَهُ يُصَلُّوْنَ فِيْهِ، فَقَالَ: إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُم بِمِثْلِ هَذَا - يَتَّبِعُوْنَ آثَارَ أَنْبِيَائِهِم، فَيَتَّخِذُوْنَهَا كَنَائِسَ وَبِيَعًا -، مَنْ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فِي هَذِهِ المَسَاجِدِ فَلْيُصَلِّ؛ وَمَنْ لَا فَلْيَمْضِ، وَلَا يَتَعَمَّدْهَا. (4)
وَلَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَ عُمَرَ السَّالِفِ فِي النَّهْي عَنْ تَتَبُّعِ الآثَارِ هُوَ مِنَ الحَقِّ الَّذِيْ جَعَلَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ القُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ [5]: (وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَغَيْرُهُ مِنْ عُلَمَاءِ المَدِيْنَةِ يَكْرَهُوْنَ إِتْيَانَ تِلْكَ المَسَاجِدِ وَتِلْكَ الآثَارِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ مَا عَدَا قُبَاءَ وَحْدَهُ). (6)

[1] كَالصَّلَاةِ خَلْفَ مَقَامِ إِبْرَاهِيْمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَوْ فِي الصَّفِّ الأَوَّلِ فِي صَلَاةِ الجَمَاعَةِ، أَوْ فِي مَسْجِدِ قُبَاءَ، أَوْ ....
(2) هَذَا مَا لَمْ يَكُنْ فِيْهِ شَدُّ رَحِلٍ (أَيْ: سَفَرٌ)، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِ المَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ.
وَفِي الحَدِيْثِ الَّذِيْ فِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ (1430) - وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي الإِرْوَاءِ (141/ 4) - أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: لَقِيْتُ بَصْرَةَ بْنَ أَبِي بَصْرَةَ الغِفَارِيَّ فَقَالَ: منْ أَيْنَ جِئْتَ. قُلْتُ: مِنَ الطُّوْرِ. قَالَ: لَوْ لَقِيْتُكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَهُ لَمْ تَأْتِهِ. قُلْتُ لَهُ: وَلِمَ؟ قَالَ: إِنِّيْ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُوْلُ: (لَا تُعْمَلُ المَطِيُّ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: إِلَى المَسْجِدِ الحَرَامِ، وَإِلَى مَسْجِدِي هذَا، وَإِلَى مَسْجِدِ بَيْتِ المَقْدِسِ). وَالحَدِيْثُ أَصْلُهُ فِي البُخَارِيِّ (1189) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوْعًا.
قَالَ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (أَحْكَامُ الجَنَائِزِ) (ص226): (عَنْ قَزَعَةَ قَالَ: (أَرَدْتُ الخُرُوْجَ إِلَى الطُّوْرِ فَسَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إَلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالمَسْجِدِ الأَقْصَى)، وَدَعْ عَنْكَ الطُّوْرَ فَلَا تَأْتِهِ). أَخْرَجَهُ الأَزْرَقِيُّ فِي (أَخْبَارِ مَكَّةَ) (ص 304) بِإِسْنَادٍ صَحِيْحٍ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيْحِ، وَأَوْرَدَ المَرْفُوْعَ مِنْهُ الهَيْثَمِيُّ فِي (المَجْمَعِ) (4/ 4) وَقَالَ: (رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبِيْرِ وَالأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ)).
(3) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) (428/ 3): (وَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ مَشْهُوْرًا بِتَتَبُّعِ آثَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمِنْ ذَلِكَ صَلَاتُهُ فِي المَوَاضِعِ الَّتِيْ كَانَ يُصَلِّي فِيْهَا. وَهِيَ عَلَى نَوْعَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْصُدُهُ لِلصَّلَاةِ فِيْهِ، كَمَسْجِدِ قُبَاءَ، وَيَأْتِيْ ذِكْرُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الكِتَابِ؛ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
وَالثَّانِي: مَا صَلَّى فِيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتِّفَاقًا لِإِدْرَاكِ الصَّلَاةِ لَهُ عِنْدَهُ، فَهَذَا هُوَ الَّذِيْ اخْتَصَّ ابْنُ عُمَرَ بِإِتِّبَاعِهِ).
قُلْتُ: وَقَوْلُ الحَافِظِ ابْنِ رَجَبٍ (اخْتَصَّ) فِيْهِ بَيَانُ تَفَرُّدِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ دُوْنَ سَائِرِ الصَّحَابَةِ بِهَذَا الفِعْلِ - خَاصَّةً أَبُوْهُ الفَارُوْقُ -.
(4) صَحِيْحٌ. أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي المُصَنِّفِ (7550). اُنْظُرْ تَخْرِيْجَ أَحَادِيْثِ فَضَائِلِ الشَّامِ وَدِمَشْقَ (ص50) لِلشَّيْخِ الأَلْبَانِيِّ رَحِمَهُ اللهُ.
[5] هُوَ مُحَدِّثُ الأَنْدَلُسِ مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاح القُرْطُبِيُّ (ت 280 هـ) تَقْرِيْبًا؛ فِي كِتَابِهِ (البِدَعُ وَالنَّهْيُ عَنْهَا) (ص41).
(6) فِي الأَصْلِ (قُبَاءَ وَأُحُدًا)، وَالمَقْصُوْدُ بِـ (أُحُد) زِيَارَةُ قُبُوْرِ شُهَدَاءِ أُحُدٍ وَالسَّلَامُ عَلَى أَهْلِهَا، وَالَّذِيْ أَثْبَتُّهُ هُوَ مِنْ نَقْلِ الِاعْتِصَامِ (449/ 1) (قُبَاءَ وَحْدَهُ).
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 60
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست