responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 254
- قَوْلُهُ (اللَّهُمَّ لَا يَأْتِي بِالحَسَنَاتِ إِلَّا أَنْتَ): أَيْ: لَا يُقَدِّرُهَا وَلَا يُوجِدُهَا لِلعَبْدِ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنْ تَكُوْنُ الحَسَنَاتُ بِأَسْبَابٍ، لِأَنَّ خَالِقَ هَذِهِ الأَسْبَابِ هُوَ اللهُ، فَإِذَا وجِدَتْ هَذِهِ الحَسَنَاتُ بِأَسْبَابٍ خَلَقَهَا اللهُ؛ صَارَ المُوجِدُ هُوَ اللهُ تَعَالَى.
وَالمُرَادُ بِالحَسَنَاتِ: مَا يَسْتَحْسِنُ المَرْءُ وُقُوْعَهُ، وَيَشْمَلُ ذَلِكَ الحَسَنَاتِ الشَّرْعِيَّةَ؛ كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا، وَيَشْمَلُ أَيْضًا الحَسَنَاتِ الدُّنْيَوِيَّةَ؛ كَالمَالِ وَالوَلَدِ وَنَحْوِهَا.
- قَوْلُهُ (وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ): فِي مَعْنَاهَا وَجْهَانِ:
1) البَاءُ بمَعْنَى (فِي): وَالتَّقْدِيْرُ أَيْ: لَا حَوْلَ إِلَّا فِي اللهِ وَحْدَهُ، وَالمَنفيُّ عَنْ غَيْرِهِ هُوَ الحَوْلُ المُطْلَقُ، وَالحَوْلُ هُنَا نِسْبِيٌّ، فَالكَامِلُ هُوَ فِي اللهِ وَحْدَهُ.
2) البَاءُ لِلاسْتِعَانَةِ أَوِ السَّبَبِيَّةِ: أَيْ: لَا تَحَوُّلَ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ إِلَّا مُسْتَعِيْنِيْنَ بِاللهِ تَعَالَى، وَهَذَا الوَجْهُ أَصَحُّ، فَالأَصْلُ فِي الكَلَامِ عَدَمُ التَّقْدِيْرِ. (1)
- الفَأْلُ الحَسَنُ [2] يَخْتَلِفُ عَنِ الطِّيَرَةِ مِنْ أَوْجُهٍ:
1) الفَأْلُ الحَسَنُ لَا يُقْصَدُ؛ بِخِلَافِ الطِّيَرَةِ فَقَد تُقْصَدُ. كَمَا فِي الحَدِيْثِ (أَقرُّوا الطَّيْرَ عَلَى مَكِنَّاتِهَا). (3)
2) الفَأْلُ الحَسَنُ لَيْسَ مُؤَثِّرًا فِي العَمَلِ أَوِ المَنْعِ عَلَى صَاحِبِهِ، فَهُوَ مُجَرَّدُ بُشْرَى، بِخِلَافِ الطِّيَرَةِ فَهِي مُؤَثِّرَةٌ فِي عَمَلِ المَتَطَيِّرِ.
3) الفَأْلُ الحَسَنُ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي القَلبِ، فَيَبْقَى القَلْبُ مُتَعَلِّقًا بِاللهِ تَعَالَى وَحْدَهُ، بِخِلَافِ الطِّيَرَةِ؛ فَإِنَّ المُتطيِّرَ يَعْتَمِدُ وَيَتَوَكَّلُ عَلَيْهَا.
4) الفَأْلُ الحَسَنُ نَاجِمٌ عَنْ نُطْقٍ وَبَيَانٍ يَدُلَّانِ عَلَى الاسْتِبْشَارِ؛ بِخِلَافِ الطِّيَرَةِ فَلَيسَ لَهَا سَبَبٌ صَحِيْحٌ مِنْ نُطْقٍ أَوْ بَيَانٍ. (4)

(1) وَكَذَا القَوْلُ فِي (القُوَّةِ).
[2] لَفْظُ (الفَأْلِ الحَسَنَ) هُوَ عِنْدَ أَحْمَدَ (24982) عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوْعًا، وَتَمَامُهُ (الطَّيرُ تَجْرِي بِقَدَرٍ، وكَانَ يُعْجِبُهُ الفَألُ الحَسَنُ). صَحِيْحٌ. الصَّحِيْحَةُ (860).
وَعِنْدَ البُخَارِيِّ (5756) بِلَفْظِ (لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الفَأْلُ الصَّالِحُ: الكَلِمَةُ الحَسَنَةُ).
(3) سُنَنُ أَبِي دَاوُدَ (2835) عَنْ أُمِّ كُرْزٍ الكَعْبِيَّةِ مَرْفُوْعًا، وَقَدْ صَحَّحَهُ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ تَصَحِيْحِهِ حَيْثُ أَوْرَدَهُ فِي الضَّعِيْفَةِ (5862). وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
قَالَ المُنَاوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (فَيْضُ القَدِيْرِ) (69/ 2): ((أَقرُّوا الطَّيْرَ عَلَى مَكِنَّاتِهَا) بِفَتْحِ المِيْمِ وَكَسْرِ الكَافِ وَشَدِّ النُّوْنِ أَوْ تُخَفَّفُ جَمْعُ (مَكِنَّة): أَيْ: أَقِرُّوهَا فِي أَوْكَارِهَا فَلَا تُنَفِّرُوْهَا عَنْ بَيضِهَا وَلَا تُزْعِجُوْهَا عَنْهُ وَلَا تَتَعَرَّضُوا لَهَا، فَالمُرَادُ: أَمَاكِنُهَا؛ مِنْ قَولِهِم (النَّاسُ عَلَى مَكَانَاتِهِم) أَيْ: مَنَازِلِهِم وَمَقَامَاتِهِم، أَوْ جَمْعُ (مُكُنَةٍ) بِضَمِّ المِيْمِ وَالكَافِ بِمَعْنَى التَّمَكُّنُ: أَيْ: أَقِرُّوْهَا عَلَى كُلِّ مُكُنةٍ تَرَوْنَهَا عَلَيْهَا، وَدَعُوا التَّطَيُّرَ بِهَا.
كَانَ أَحَدُهُم إِذَا سَافَرَ نَفَّرَ طَيْرًا، فَإِنْ طَارَ يَمِيْنًا تَفَاءَلَ، وَإِنْ طَارَ شِمَالًا تَشَاءَمَ وَرَجَعَ).
(4) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) (214/ 10): (قَالَ الخَطَّابِيُّ: وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِأَنَّ مَصْدَر الفَأْلِ عَنْ نُطْقٍ وَبَيَانٍ، فَكَأَنَّهُ خَبَرٌ جَاءَ عَنْ غَيْبٍ، بِخِلَافِ غَيْرهِ؛ فَإِنَّهُ مُسْتَنِدٌ إِلَى حَرَكَةِ الطَّائِرِ أَوْ نُطْقِهِ وَلَيْسَ فِيْهِ بَيَانٌ أَصْلًا، وَإِنَّمَا هُوَ تَكَلُّفٌ مِمَّنْ يَتَعَاطَاهُ).
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 254
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست