responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بسط القول والإسهاب في بيان حكم مودة المؤمن للكافر نویسنده : البدراني، أبو فيصل    جلد : 1  صفحه : 39
فإن الكفار المسالمين لم يكونوا داخلين في معنى الآية (قد كانت لكم أسوة حسنة) أصلاً , بمعنى أن الآية الكريمة (قد كانت لكم أسوة ... ) ليست عامة في جميع أصناف الكفار بإطلاق .. والسياق يدل على ذلك وواقع قوم إبراهيم يدل على ذلك .. ولو سلمنا جدلاً أن الآية مطلقة والمقصود بها جميع الكفار المحارب منهم والمسالم فإن الآية التي بعدها وهي (لا ينهاكم .. ) وغيرها من الأدلة الدالة على بر الكفار المسالمين تكون مخصصة لآية (قد كانت لكم أسوة ... ) أو ناسخة لها جزئياً.
وبهذا التقرير نرد على من يقول أن هذه الآية مطلقة في حق جميع الكفار بلا استثناء وأما بالنسبة لمن يستدل بوجوب إظهار العداوة والبغضاء مع الكافر مطلقاً مستدلاً بقوله تعالى: (وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده) وعدم قوله (وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تكفوا عن حربنا) فالجواب أن الدلالة هنا دلالة مفهوم ودلالة قوله تعالى عن الوالدين (وصاحبهما في الدنيا معروفا) وقوله (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم .... ) دلالتها منطوقة على مشروعية البر وحسن الخلق مع الكافر لا سيما الوالدين والأقارب وعلى هذا فالمنطوق مُقدم على المفهوم ناهيك أن قوله (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم.) نزلت بعد قوله (قد كانت لكم أسوة .. ) وبالتالي لو فرضنا جدلاً بأن معنى آية الأسوة هو كما ذهب إليها هؤلاء فالمُقدم آخر ما نزل عند التعارض.
يُضاف إلى ما تقدم: ما ذكره البغوي رحمه الله (قال مقاتل: فلما أمر الله المؤمنين بعداوة الكفار عادى المؤمنون أقرباءهم المشركين وأظهروا لهم العداوة والبراءة. ويعلم الله شدة وجد المؤمنين بذلك فأنزل الله (عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم) أي من كفار مكة (مودة) ففعل الله ذلك بأن أسلم كثير منهم فصاروا لهم أولياء وإخوانا وخالطوهم وناكحوهم (والله قدير والله غفور رحيم) ثم رخص الله تعالى في صلة الذين لم يعادوا المؤمنين ولم يقاتلوهم فقال: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم) .... انتهى) قلتُ بهذه الرخصة تجتمع الآيتين اللتين فيهما إشكال آية الأسوة وآية الإذن ببر لكفار المسالمين , وبغض النظر عن كون الرخصة واجبة أم مستحبة أم مباحة وقد تختلف من حال إلى حال فالأخذ بها مع الوالدين واجب ومع من يُرجى إسلامه كذلك واجبة باعتبار الواجب لغيره ومع الأقارب مستحب.
وبهذا يتبين خطأ من قال أن الجمع بين إظهار العداوة واجب مع كل كافر وأنه لا ينافي صحبة الوالدين بالمعروف بل وحتى الزواج من الكتابية.
وأما من يقول بعدم التعارض ويُجوز الزواج من الكتابية ومصاحبة الوالدين المشركين بالمعروف مع إبداء العداوة لهم والبغضاء فهذا يكفيه أنه لما نزلت آية الأسوة، المهيجة على عداوة الكافرين، وقعت من الصحابة المؤمنين كل موقع، وقاموا بها أتم القيام، وتأثموا من صلة بعض أقاربهم المشركين، وظنوا أن ذلك داخل فيما نهى الله عنه لعلمهم بأن إظهار العداوة ينافي الصحبة والصلة بالمعروف.
فأخبرهم الله أن الكفار المسالمين لا يدخلون في معنى الآية أو تكون الآية التي بعدها رخصةً لهم فقال: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} أي: لا ينهاكم الله عن

نام کتاب : بسط القول والإسهاب في بيان حكم مودة المؤمن للكافر نویسنده : البدراني، أبو فيصل    جلد : 1  صفحه : 39
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست