responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الطحاوية - ط الأوقاف السعودية نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 71
مَفْسَدَةٍ مِنْ حَيْثُ هُوَ فِعْلٌ لَهُ، فَإِنَّهُ يَخْلُقُ مَا يَخْلُقُ لِحِكْمَةٍ، وَلَا يَلْزَمُ إِذَا كَانَ الْفِعْلُ الْمَأْمُورُ بِهِ مَصْلَحَةً لِلْمَأْمُورِ إِذَا فَعَلَهُ - أَنْ يَكُونَ مَصْلَحَةً لِلْآمِرِ إِذَا فَعَلَهُ هُوَ أَوْ جَعَلَ الْمَأْمُورَ فَاعِلًا لَهُ. فَأَيْنَ جِهَةُ الْخَلْقِ مِنْ جِهَةِ الْأَمْرِ؟ فَالْوَاحِدُ مِنَ النَّاسِ يَأْمُرُ غَيْرَهُ وَيَنْهَاهُ مُرِيدًا النَّصِيحَةَ وَمُبَيِّنًا لِمَا يَنْفَعُهُ، وَإِنْ كَانَ مَعَ ذَلِكَ لَا يُرِيدُ أَنْ يُعِينَهُ عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ، إِذْ لَيْسَ كُلُّ مَا كَانَ مَصْلَحَتِي فِي أَنْ آمُرَ بِهِ غَيْرِي وَأَنْصَحَهُ - يَكُونُ مَصْلَحَتِي فِي أَنْ أُعَاوِنَهُ أَنَا عَلَيْهِ، بَلْ قَدْ تَكُونُ مَصْلَحَتِي إِرَادَةَ مَا يُضَادُّهُ. فَجِهَةُ أَمْرِهِ لِغَيْرِهِ نُصْحًا غَيْرُ جِهَةِ فِعْلِهِ لِنَفْسِهِ، وَإِذَا أَمْكَنَ الْفَرْقُ فِي حَقِّ الْمَخْلُوقِينَ فَهُوَ فِي حَقِّ اللَّهِ أَوْلَى بِالْإِمْكَانِ.
وَالْقَدَرِيَّةُ تَضْرِبُ مَثَلًا بِمَنْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِأَمْرِهِ، فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَكُونُ الْمَأْمُورُ أَقْرَبَ إِلَى فِعْلِهِ، كَالْبِشْرِ وَالطَّلَاقَةِ وَتَهْيِئَةِ الْمَسَانِدِ وَالْمَقَاعِدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
فَيُقَالُ لَهُمْ: هَذَا يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ مَصْلَحَةُ الْآمِرِ تَعُودُ إِلَى الْأَمْرِ، كَأَمْرِ الْمَلِكِ جُنْدَهُ بِمَا يُؤَيِّدُ مُلْكَهُ، وَأَمْرِ السَّيِّدِ عَبْدَهُ بِمَا يُصْلِحُ مُلْكَهُ، وَأَمْرِ الْإِنْسَانِ شَرِيكَهُ [1] بِمَا يُصْلِحُ الْأَمْرَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُمَا، وَنَحْوِ ذَلِكَ. الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْآمِرُ يَرَى الْإِعَانَةَ لِلْمَأْمُورِ مَصْلَحَةً لَهُ، كَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَإِذَا أَعَانَ الْمَأْمُورَ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى فَإِنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ يُثِيبُهُ عَلَى إِعَانَتِهِ عَلَى الطَّاعَةِ، وَأَنَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ، فَأَمَّا إِذَا قُدِّرَ أَنَّ الْآمِرَ إِنَّمَا أَمَرَ الْمَأْمُورَ لِمَصْلَحَةِ الْمَأْمُورِ، لَا لِنَفْعٍ يَعُودُ عَلَى الْآمِرِ مِنْ فِعْلِ الْمَأْمُورِ، كَالنَّاصِحِ الْمُشِيرِ وقد رأى أَنَّهُ إِذَا أَعَانَهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَصْلَحَةً لِلْآمِرِ، وَأَنَّ فِي حُصُولِ مَصْلَحَةِ الْمَأْمُورِ مَضَرَّةً عَلَى الْآمِرِ، مِثْلَ الَّذِي جَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى وَقَالَ لِمُوسَى: {إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ} [2]. فَهَذَا مَصْلَحَتُهُ فِي أَنْ يَأْمُرَ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالْخُرُوجِ،

[1] في المطبوعة: «شركاه».
[2] سورة الْقَصَصِ آية: 20.
نام کتاب : شرح الطحاوية - ط الأوقاف السعودية نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 71
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست