responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الطحاوية - ط الأوقاف السعودية نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 407
تَكُونَ مَادَّتُهَا وَحَامِلُهَا طَبِيعَتُه حَارَّة رَطْبَة - بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَمْرِ الْبَعْثِ، فَفِيهِ الدَّلِيلُ وَالْجَوَابُ، فَقَالَ: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ} [1]. فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ بِإِخْرَاجِ هَذَا الْعُنْصُرِ، الَّذِي هُوَ فِي غَايَة الْحَرَارَة وَالْيُبُوسَة، مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ الْمُمْتَلِئِ بِالرُّطُوبَة وَالْبُرُودَة، فَالَّذِي يُخْرِجُ الشَّيْءَ مِنْ ضِدِّه، وَتَنْقَادُ لَهُ مَوَادُّ الْمَخْلُوقَاتِ وَعَنَاصِرُهَا وَلَا تَسْتَعْصِي عَلَيْهِ - هُوَ الَّذِي يَفْعَلُ مَا أَنْكَرَه الْمُلْحِدُ وَدَفَعَه، مِنْ إِحْيَاءِ الْعِظَامِ وَهِيَ رَمِيمٌ.
ثُمَّ أَكَّدَ هَذَا بِأَخْذِ الدِّلَالَة مِنَ الشَّيْءِ الْأَجَلِّ الْأَعْظَمِ، عَلَى الْأَيْسَرِ الْأَصْغَرِ، فَإِنَّ كُلَّ عَاقِلٍ يَعْلَمُ أَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى الْعَظِيمِ الْجَلِيلِ فَهُوَ عَلَى مَا دُونَه بِكَثِيرٍ أَقْدَرُ وَأَقْدَرُ، فَمَنْ قَدَرَ على حَمْلِ قِنْطَارٍ كان [2] عَلَى حَمْلِ أُوقِيَّة أَشَدُّ اقْتِدَارًا، فَقَالَ: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} [3]؟ فَأَخْبَرَ أَنَّ الَّذِي أَبْدَعَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، عَلَى [جَلَالَتِهِمَا] [4]، وَعِظَمِ شَأْنِهِمَا، وَكِبَرِ أَجْسَامِهِمَا، وَسَعَتِهِمَا، وَعَجِيبِ خَلْقِهِمَا - أَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُحْيِي عِظَامًا قَدْ صَارَتْ رَمِيمًا، فَيَرُدَّهَا إِلَى حَالَتِهَا الْأُولَى. كَمَا قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [5]، وَقَالَ: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} [6]. ثُمَّ أَكَّدَ سُبْحَانَهُ ذَلِكَ وَبَيَّنَه بِبَيَانٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّهُ لَيْسَ فِعْلُه بِمَنْزِلَة غَيْرِهِ، الَّذِي يَفْعَلُ بِالْآلَاتِ وَالْكُلْفَة، وَالنصبِ وَالْمَشَقَّة، وَلَا يُمْكِنُه الِاسْتِقْلَالُ بِالْفِعْلِ، بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ آلَة وَمُعِينٍ، بَلْ يَكْفِي فِي خَلْقِه لِمَا يُرِيدُ أَنْ يَخْلُقَه وَيُكَوِّنه نَفْسُ إِرَادَتِه، وَقَوْلُهُ لِلْمُكَوَّنِ: "كُنْ"، فَإِذَا هُوَ كَائِنٌ كَمَا شَاءَه وَأَرَادَه.

[1] يس 80
[2] في المطبوعة «قدر» بدل «كان». ولا تستقيم بها العبارة
[3] يس 81
[4] في الأصل: (حالتهما). والصواب ما أثبتناه من سائر النسخ. ن
[5] غَافِرٍ 57
[6] يس: 81
نام کتاب : شرح الطحاوية - ط الأوقاف السعودية نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 407
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست