responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الطحاوية - ط الأوقاف السعودية نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 38
{إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [1].
فَتَأَمَّلْ هَذَا الْبُرْهَانَ الْبَاهِرَ، بِهَذَا اللَّفْظِ الْوَجِيزِ الظَّاهِرِ. فَإِنَّ الْإِلَهَ الْحَقَّ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ خَالِقًا فَاعِلًا، يُوصِلُ إِلَى عَابِدِهِ النَّفْعَ وَيَدْفَعُ عَنْهُ الضُّرَّ، فَلَوْ كَانَ مَعَهُ سُبْحَانَهُ إِلَهٌ آخَرُ يُشْرِكُهُ فِي مُلْكِهِ، لَكَانَ لَهُ خَلْقٌ وَفِعْلٌ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرْضَى تِلْكَ الشَّرِكَةَ، بَلْ إِنْ قَدَرَ عَلَى قَهْرِ ذَلِكَ الشَّرِيكِ وَتَفَرُّدِهِ بِالْمُلْكِ وَالْإِلَهِيَّةِ دُونَهُ فَعَلَ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ انْفَرَدَ بِخَلْقِهِ وَذَهَبَ بِذَلِكَ الْخَلْقِ، كَمَا يَنْفَرِدُ مُلُوكُ الدُّنْيَا بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ بِمُلْكِهِ، إِذَا لَمْ يَقْدِرِ الْمُنْفَرِدُ مِنْهُمْ عَلَى قَهْرِ الْآخَرِ وَالْعُلُوِّ عَلَيْهِ. فَلَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ:
إِمَّا أَنْ يَذْهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِخَلْقِهِ وَسُلْطَانِهِ.
وَإِمَّا أَنْ يَعْلُوَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ.
وَإِمَّا أَنْ يَكُونُوا تَحْتَ قَهْرِ مَلِكٍ وَاحِدٍ يَتَصَرَّفُ فِيهِمْ كَيْفَ يَشَاءُ، وَلَا يَتَصَرَّفُونَ فِيهِ، بَلْ يَكُونُ وَحْدَهُ هُوَ الْإِلَهُ، وَهُمُ الْعَبِيدُ الْمَرْبُوبُونَ الْمَقْهُورُونَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.
وَانْتِظَامُ أَمْرِ الْعَالَمِ كُلِّهِ وَإِحْكَامُ أَمْرِهِ، مِنْ أَدَلِّ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ مُدَبِّرَهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ، وَمَلِكٌ وَاحِدٌ، وَرَبٌّ وَاحِدٌ، لَا إِلَهَ لِلْخَلْقِ غَيْرُهُ، وَلَا رَبَّ لَهُمْ سِوَاهُ. كَمَا قَدْ دَلَّ دَلِيلُ التَّمَانُعِ عَلَى أَنَّ خَالِقَ الْعَالَمِ وَاحِدٌ، لَا رَبَّ غَيْرُهُ وَلَا إِلَهَ سِوَاهُ، فَذَلكَ تَمَانُعٌ فِي الْفِعْلِ وَالْإِيجَادِ، وَهَذَا تَمَانُعٌ فِي الْعِبَادَةِ وَالْإِلَهِيَّةِ. فَكَمَا يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ لِلْعَالَمِ رَبَّانِ خَالِقَانِ مُتَكَافِئَانِ، كَذَلِكَ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ إِلَهَانِ مَعْبُودَانِ.
فَالْعِلْمُ بِأَنَّ وُجُودَ الْعَالَمِ عَنْ صَانِعَيْنِ مُتَمَاثِلَيْنِ مُمْتَنِعٌ لِذَاتِهِ، مُسْتَقِرٌّ فِي الْفِطَرِ مَعْلُومٌ بِصَرِيحِ الْعَقْلِ بُطْلَانُهُ، فَكَذَا تَبْطُلُ إِلَهِيَّةُ اثْنَيْنِ. فَالْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مُوَافِقَةٌ لِمَا

[1] سورة الْمُؤْمِنُونَ آية: 91.
نام کتاب : شرح الطحاوية - ط الأوقاف السعودية نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 38
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست