responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الطحاوية - ط الأوقاف السعودية نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 357
لَا نُرِيدُ فِعْلَه تَهَاوُنًا وَكَسَلًا مِثْلُ مَا نُرِيدُه أَوْ أَكْثَرُ مِنْهُ أَوْ دُونَه، وَمَا لَا نَقْدِرُ عَلَيْهِ مِمَّا نُرِيدُه كَذَلِكَ، وَمَا نَعْرِفُ جُمْلَتَه وَلَا نَهْتَدِي لِتَفَاصِيلِه فَأَمْرٌ يَفُوتُ الْحَصْرَ. وَنَحْنُ مُحْتَاجُونَ إِلَى الْهِدَايَة التَّامَّة، فَمَنْ كَمُلَتْ لَهُ هَذِهِ الْأُمُورُ كَانَ سُؤَالُه سُؤَالَ تَثْبِيتٍ، وَهِيَ آخِرُ الرُّتَبِ.
وَبَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ هِدَايَة أُخْرَى، وَهِيَ الْهِدَايَة إِلَى طَرِيقِ الْجَنَّة فِي الْآخِرَة. وَلِهَذَا كَانَ النَّاسُ مَأْمُورِينَ بِهَذَا الدُّعَاءِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ، لِفَرْطِ حَاجَتِهِمْ إِلَيْهِ، فَلَيْسُوا إِلَى شَيْءٍ أَحْوَجَ مِنْهُمْ إِلَى هَذَا الدُّعَاءِ. فَيَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ بِفَضْلِ رَحْمَتِه جَعَلَ هَذَا الدُّعَاءَ مِنْ أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ الْمُقْتَضِيَة لِلْخَيْرِ، الْمَانِعَة مِنَ الشَّرِّ، فَقَدْ بَيَّنَ الْقُرْآنُ أَنَّ السَّيِّئَاتِ مِنَ النَّفْسِ، وَإِنْ كَانَتْ بِقَدَرِ اللَّهِ، وَأَنَّ الْحَسَنَاتِ كُلَّهَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى.
وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يُشْكَرَ سُبْحَانَهُ، وَأَنْ يَسْتَغْفِرَه الْعَبْدُ مِنْ ذُنُوبِه، وَأَن لا يَتَوَكَّلَ إِلَّا عَلَيْهِ وَحْدَه، فَلَا يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ إِلَّا هُوَ. فَأَوْجَبَ ذَلِكَ تَوْحِيدَه، وَالتَّوَكُّلَ عَلَيْهِ وَحْدَه، وَالشُّكْرَ لَهُ وَحْدَه، وَالِاسْتِغْفَارَ مِنَ الذُّنُوبِ.
وَهَذِهِ الْأُمُورُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُهَا فِي الصَّلَاةِ، كَمَا ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَه مِنَ الرُّكُوعِ يَقُولُ: «رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، مِلْءَ السَّمَاوَاتِ، وَمِلْءَ الْأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ، وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ». فَهَذَا حَمْدٌ، وَهُوَ شُكْرٌ لِلَّهِ تَعَالَى، وَبَيَانُ أَنَّ حَمْدَه أَحَقُّ مَا قَالَهُ الْعَبْدُ، ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ: «لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِي لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ».
وَهَذَا تَحْقِيقٌ لِوَحْدَانِيَّتِه، لِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّة، خَلْقًا وَقَدَرًا، وَبِدَايَة وَنِهَايَة، هُوَ الْمُعْطِي الْمَانِعُ، لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَى، وَلَا مُعْطِي لِمَا مَنَعَ، [وَلِتَوْحِيدِ] [1] الْإِلَهِيَّة،

[1] في الأصل: (وتوحيده). والصواب ما أثبتناه، كما في سائر النسخ. ن
نام کتاب : شرح الطحاوية - ط الأوقاف السعودية نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 357
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست