responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الطحاوية - ط الأوقاف السعودية نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 268
وَمَنْ تَأَوَّلَ"فَوْقَ"، بِأَنَّهُ خَيْرٌ مِنْ عِبَادِهِ وَأَفْضَلُ مِنْهُمْ، وَأَنَّهُ خَيْرٌ مِنَ الْعَرْشِ وَأَفْضَلُ مِنْهُ، كَمَا يُقَالُ: الْأَمِيرُ فَوْقَ الْوَزِيرِ، وَالدِّينَارُ فَوْقَ الدِّرْهَمِ -: فَذَلِكَ مِمَّا تَنْفِرُ عَنْهُ الْعُقُولُ السَّلِيمَةُ، وَتَشْمَئِزُّ مِنْهُ الْقُلُوبُ الصَّحِيحَةُ! فَإِنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ ابْتِدَاءً: اللَّهُ خَيْرٌ مِنْ عِبَادِهِ، وَخَيْرٌ مِنْ عَرْشِهِ - مِنْ جِنْسِ قَوْلِهِ: الثَّلْجُ بَارِدٌ، وَالنَّارُ حَارَّةٌ، وَالشَّمْسُ أَضْوَأُ مِنَ السِّرَاجِ، وَالسَّمَاءُ أَعْلَى مِنْ سَقْفِ الدَّارِ، وَالْجَبَلُ أَثْقَلُ مِنَ الحصى، ورسول الله أفضل من اليهود، وَالسَّمَاءُ فَوْقَ الْأَرْضِ!! وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ تَمْجِيدٌ وَلَا تَعْظِيمٌ وَلَا مَدْحٌ، بَلْ هُوَ مِنْ أَرْذَلِ الْكَلَامِ وَأَسْمَجِهِ وَأَهْجَنِهِ! فَكَيْفَ يَلِيقُ بِكَلَامِ اللَّهِ، الَّذِي لَوِ اجْتَمَعَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهِ لَمَا أَتَوْا بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا؟! بَلْ فِي ذَلِكَ تَنَقُّصٌ، كَمَا قِيلَ فِي الْمَثَلِ السَّائِرِ:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ السَّيْفَ يَنْقُصُ قَدْرُهُ ... إِذَا قِيلَ إِنَّ السَّيْفَ أَمْضَى مِنَ الْعَصَا
وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: الْجَوْهَرُ فَوْقَ قِشْرِ الْبَصَلِ وَقِشْرِ السَّمَكِ! لَضَحِكَ مِنْهُ الْعُقَلَاءُ، لِلتَّفَاوُتِ الَّذِي بَيْنَهُمَا، فَإِنَّ التَّفَاوُتَ الَّذِي بَيْنَ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ أَعْظَمُ وَأَعْظَمُ. بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ الْمَقَامُ يَقْتَضِي ذَلِكَ، بِأَنْ كَانَ احْتِجَاجًا عَلَى مُبْطِلٍ، كَمَا فِي قَوْلِ يُوسُفَ الصِّدِّيقِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: {أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [1]، وقوله تعالى: {آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} [2]، {وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [3].
وَإِنَّمَا يَثْبُتُ هَذَا الْمَعْنَى مِنَ الْفَوْقِيَّةِ فِي ضِمْنِ ثُبُوتِ"الْفَوْقِيَّةِ"الْمُطْلِقَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَلَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَوْقِيَّةُ الْقَهْرِ، وَفَوْقِيَّةُ الْقَدْرِ، وَفَوْقِيَّةُ الذَّاتِ. وَمَنْ أَثْبَتَ الْبَعْضَ وَنَفَى الْبَعْضَ فَقَدْ تَنَقَّصَ. وَعُلُوُّهُ تَعَالَى مُطْلَقٌ مِنْ كُلِّ الوجوه.

[1] سورة يوسف: 39.
[2] سورة النمل: 59.
[3] سورة طه آية 73.
نام کتاب : شرح الطحاوية - ط الأوقاف السعودية نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 268
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست