responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الطحاوية - ط الأوقاف السعودية نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 196
الْمُغَيَّبَاتِ، نُؤْمِنُ بِهِ وَلَا نَشْتَغِلُ بِكَيْفِيَّتِهِ.
وَقَوْلُهُ: وَقَدْ أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعُرِجَ بِشَخْصِهِ فِي الْيَقَظَةِ - اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْإِسْرَاءِ.
فَقِيلَ: كَانَ الْإِسْرَاءُ بِرُوحِهِ وَلَمْ يُفْقَدْ جَسَدُهُ، نَقْلَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَائِشَةَ وَمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَنَقَلَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ نَحْوَهُ. لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُعْرَفَ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يُقَالَ: كَانَ الْإِسْرَاءُ مَنَامًا، وَبَيْنَ أَنْ يُقَالَ: كَانَ بِرُوحِهِ دُونَ جَسَدِهِ، وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ عَظِيمٌ. فَعَائِشَةُ وَمُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَمْ يَقُولَا: كَانَ مَنَامًا، وَإِنَّمَا قَالَا: أُسْرِيَ بِرُوحِهِ وَلَمْ يُفْقَدْ جَسَدُهُ، وَفَرْقٌ مَا بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ إِذْ مَا يَرَاهُ النَّائِمُ قَدْ يَكُونُ أَمْثَالًا مَضْرُوبَةً لِلْمَعْلُومِ فِي الصُّورَةِ الْمَحْسُوسَةِ، فَيَرَى كَأَنَّهُ قَدْ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَذُهِبَ بِهِ إِلَى مَكَّةَ، وَرُوحُهُ لَمْ تَصْعَدْ وَلَمْ تَذْهَبْ، وَإِنَّمَا مَلَكُ الرُّؤْيَا ضَرَبَ لَهُ الْمِثَالَ. فَمَا أَرَادَا [1] أَنَّ الْإِسْرَاءَ مَنَامًا، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ الرُّوحَ ذَاتَهَا أُسْرِيَ بِهَا، فَفَارَقَتِ الْجَسَدَ ثُمَّ عَادَتْ إِلَيْهِ، وَيَجْعَلَانِ هَذَا مِنْ خَصَائِصِهِ، فَإِنَّ غَيْرَهُ لَا تَنَالُ ذَاتُ رُوحِهِ الصُّعُودَ الْكَامِلَ إِلَى السَّمَاءِ إِلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ.
وَقِيلَ: كَانَ الْإِسْرَاءُ مَرَّتَيْنِ، مَرَّةً يَقَظَةً، وَمَرَّةً مَنَامًا. وَأَصْحَابُ هَذَا الْقَوْلِ كَأَنَّهُمْ أَرَادُوا الْجَمْعَ بَيْنَ حَدِيثِ شَرِيكٍ وَقَوْلِهِ: ((ثُمَّ اسْتَيْقَظْتُ)) وَبَيْنَ سَائِرِ الرِّوَايَاتِ. وَكَذَلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: بَلْ كَانَ مَرَّتَيْنِ، مَرَّةً قَبْلَ الْوَحْيِ، وَمَرَّةً بَعْدَهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: بَلْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، مَرَّةً قَبْلَ الْوَحْيِ، وَمَرَّتَيْنِ بَعْدَهُ. وَكُلَّمَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِمْ لَفْظٌ زَادُوا مَرَّةً، لِلتَّوْفِيقِ! وَهَذَا يَفْعَلُهُ ضُعَفَاءُ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَإِلَّا فَالَّذِي عَلَيْهِ أَئِمَّةُ النَّقْلِ: أَنَّ الْإِسْرَاءَ كَانَ مَرَّةً وَاحِدَةً بِمَكَّةَ، بَعْدَ الْبِعْثَةِ، قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ، وَقِيلَ: بِسَنَةٍ وَشَهْرَيْنِ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ.

[1] قوله: «فما أرادا» - يعني عائشة ومعاوية. وفي المطبوعة «فيما أرادا»! وهو كلام فاسد، ولا معنى له.
نام کتاب : شرح الطحاوية - ط الأوقاف السعودية نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 196
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست