responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الطحاوية - ط دار السلام نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 372
الْحَبَّةَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالسَّرِقَةَ لَهَا، وَالْكِذْبَةَ الْوَاحِدَةَ الْخَفِيفَةَ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْكَبَائِرِ! وَهَذَا فَاسِدٌ, وَمَنْ قَالَ: مَا سَدَّ بَابَ الْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ، أَوْ ذَهَابَ الْأَمْوَالِ وَالْأَبْدَانِ يَقْتَضِي أَنَّ شُرْبَ الْخَمْرِ، وَأَكْلَ الْخِنْزِيرِ وَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ، وَقَذْفَ الْمُحْصَنَاتِ لَيْسَ مِنَ الْكَبَائِرِ! وَهَذَا فَاسِدٌ, وَمَنْ قَالَ: إِنَّهَا سُمِّيَتْ كَبَائِرَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا دُونَهَا، أَوْ كُلُّ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ فَهُوَ كَبِيرَةٌ يَقْتَضِي أَنَّ الذُّنُوبَ فِي نَفْسِهَا لَا تَنْقَسِمُ إِلَى صَغَائِرَ وَكَبَائِرَ! وَهَذَا فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى تَقْسِيمِ الذُّنُوبِ إِلَى صَغَائِرَ وَكَبَائِرَ. وَمَنْ قَالَ: إِنَّهَا لَا تُعْلَمُ أَصْلًا، أَوْ إِنَّهَا مُبْهَمَةٌ, فَإِنَّمَا أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهَا، فَلَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ قَدْ عَلِمَهَا غَيْرُهُ, وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا تَائِبِينَ؛ لِأَنَّ التَّوْبَةَ لَا خِلَافَ أَنَّهَا تَمْحُو الذُّنُوبَ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي غَيْرِ التَّائِبِ, وَقَوْلُهُ: بَعْدَ أَنْ لَقُوا اللَّهَ تَعَالَى عَارِفِينَ, لَوْ قَالَ: مُؤْمِنِينَ، بَدَلَ قَوْلِهِ: عَارِفِينَ، كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ مَنْ عَرَفَ اللَّهَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِهِ فَهُوَ كَافِرٌ, وَإِنَّمَا اكْتَفَى بِالْمَعْرِفَةِ وَحْدَهَا الْجَهْمُ، وَقَوْلُهُ مَرْدُودٌ بَاطِلٌ، كَمَا تَقَدَّمَ. فَإِنَّ إِبْلِيسَ عَارِفٌ بِرَبِّهِ، {قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الْحِجْرِ: 36]. {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ، إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [ص: 82، 83]. وَكَذَلِكَ فِرْعَوْنُ وَأَكْثَرُ الْكَافِرِينَ. قَالَ تَعَالَى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لُقْمَانَ: 25]. {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} [الْمُؤْمِنُونَ: 84 - 85]. إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى, وَكَأَنَّ الشَّيْخَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَرَادَ الْمَعْرِفَةَ الْكَامِلَةَ الْمُسْتَلْزِمَةَ لِلِاهْتِدَاءِ، الَّتِي يُشِيرُ إِلَيْهَا أَهْلُ الطَّرِيقَةِ، وَحَاشَا أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ، بَلْ هُمْ سَادَةُ النَّاسِ وَخَاصَّتُهُمْ.
وَقَوْلُهُ: وَهُمْ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ وَحُكْمِهِ، إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ وَعَفَا عَنْهُمْ بِفَضْلِهِ، إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ فَصَلَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ الشِّرْكِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ الشِّرْكَ أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الشِّرْكَ غَيْرُ مَغْفُورٍ، وَعَلَّقَ غُفْرَانَ مَا دُونَهُ بِالْمَشِيئَةِ، وَالْجَائِزُ يُعَلَّقُ بِالْمَشِيئَةِ دُونَ الْمُمْتَنِعِ، وَلَوْ كَانَ الْكُلُّ سَوَاءً لَمَا كَانَ لِلتَّفْصِيلِ مَعْنًى؛ وَلِأَنَّهُ عَلَّقَ هَذَا الْغُفْرَانَ بِالْمَشِيئَةِ، وَغُفْرَانُ الْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ بَعْدَ التَّوْبَةِ مَقْطُوعٌ بِهِ، غَيْرُ مُعَلَّقٍ بالمشيئة، كما قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزُّمَرِ: 53].

نام کتاب : شرح الطحاوية - ط دار السلام نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 372
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست