responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الطحاوية - ط دار السلام نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 356
الْمُبَارَكِ: لَوْ هَمَّ رَجُلٌ فِي الْبَحْرِ[1] أَنْ يَكْذِبَ فِي الْحَدِيثِ، لَأَصْبَحَ وَالنَّاسُ يَقُولُونَ: فُلَانٌ كَذَّابٌ, وَخَبَرُ الْوَاحِدِ وَإِنْ كَانَ يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ, وَلَكِنَّ التَّفْرِيقَ بَيْنَ صَحِيحِ الْأَخْبَارِ وَسَقِيمِهَا لَا يَنَالُهُ أَحَدٌ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ معظم أوقاته مشتغلا بالحديث، والبحث عن سير الرُّوَاةِ، لِيَقِفَ عَلَى أَحْوَالِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ، وَشِدَّةِ حَذَرِهِمْ مِنَ الطُّغْيَانِ وَالزَّلَلِ، وَكَانُوا بِحَيْثُ لَوْ قُتِلُوا لَمْ يُسَامِحُوا أَحَدًا فِي كَلِمَةٍ يَتَقَوَّلُهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا فَعَلُوا هُمْ بِأَنْفُسِهِمْ ذَلِكَ, وَقَدْ نَقَلُوا هَذَا الدين إلينا كما نقل إليهم، فهم تُرُكُ الْإِسْلَامِ[2] وَعِصَابَةُ الْإِيمَانِ، وَهُمْ نُقَّادُ الْأَخْبَارِ، وَصَيَارِفَةُ الْأَحَادِيثِ. فَإِذَا وَقَفَ الْمَرْءُ عَلَى هَذَا مِنْ شَأْنِهِمْ، وَعَرَفَ حَالَهُمْ، وَخَبَرَ صِدْقَهُمْ وَوَرَعَهُمْ وَأَمَانَتَهُمْ ظَهَرَ لَهُ الْعِلْمُ فِيمَا نَقَلُوهُ وَرَوَوْهُ, وَمِنْ لَهُ عَقْلٌ وَمَعْرِفَةٌ يَعْلَمُ أَنَّ أَهْلَ الْحَدِيثِ لَهُمْ [مِنَ] الْعِلْمِ بِأَحْوَالِ نَبِيِّهِمْ وَسِيرَتِهِ وَأَخْبَارِهِ، مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِمْ بِهِ شُعُورٌ، فَضْلًا أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا لَهُمْ أَوْ مَظْنُونًا, كَمَا أَنَّ النُّحَاةَ عِنْدَهُمْ مِنْ أَخْبَارِ سِيبَوَيْهِ وَالْخَلِيلِ وَأَقْوَالِهِمَا مَا لَيْسَ عِنْدَ غَيْرِهِمْ، وَعِنْدَ الْأَطِبَّاءِ مِنْ كَلَامِ بُقْرَاطَ وَجَالِينُوسَ مَا لَيْسَ عِنْدَ غَيْرِهِمْ، وَكُلُّ ذِي صَنْعَةٍ هُوَ أَخْبَرُ بِهَا مِنْ غَيْرِهِ، فَلَوْ سَأَلْتَ الْبَقَّالَ عَنْ أَمْرِ الْعِطْرِ، أَوِ الْعَطَّارَ عَنِ الْبَزِّ، وَنَحْوِ ذَلِكَ!! لَعُدَّ ذلك جهلا كبيرا.
وَلَكِنَّ النُّفَاةَ قَدْ جَعَلُوا قَوْلَهُ تَعَالَى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} مُسْتَنَدًا لَهُمْ فِي رَدِّ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، فَكُلَّمَا جَاءَهُمْ حَدِيثٌ يُخَالِفُ قَوَاعِدَهُمْ وَآرَاءَهُمْ، وَمَا وَضَعَتْهُ[3] خَوَاطِرُهُمْ وَأَفْكَارُهُمْ رَدُّوهُ بِـ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، تَلْبِيسًا مِنْهُمْ وَتَدْلِيسًا عَلَى مَنْ هُوَ أَعْمَى قَلْبًا مِنْهُمْ، وَتَحْرِيفًا لِمَعْنَى الْآيِ عَنْ مَوَاضِعِهِ, فَفَهِمُوا مِنْ أَخْبَارِ الصِّفَاتِ مَا لَمْ يُرِدْهُ اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ، وَلَا فَهِمَهُ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ، أَنَّهُ[4] يَقْتَضِي إِثْبَاتُهَا التَّمْثِيلَ بِمَا[5] للمخلوقين! ثم

[1] في الأصل: السجن.
2 "ترك" بضم التاء المثناة والراء: جمع "تريكة" بفتح التاء وكسر الراء، وهي بيضة الحديد للرأس, يريد أنهم دروع الإسلام وحفظته.
[3] في الأصل: وصفته.
[4] في الأصل: أنها.
[5] في الأصل: بها.
نام کتاب : شرح الطحاوية - ط دار السلام نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 356
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست