responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الطحاوية - ط دار السلام نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 352
يَسْتَثْنِي مِنَ السَّلَفِ فِي إِيمَانِهِ، وَهُوَ فَاسِدٌ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آلِ عِمْرَانَ: 31]، فَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ يُحِبُّهُمْ إِنِ اتَّبَعُوا الرَّسُولَ، فَاتِّبَاعُ الرَّسُولِ شَرْطُ الْمَحَبَّةِ، وَالْمَشْرُوطُ يَتَأَخَّرُ عَنِ الشَّرْطِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَدِلَّةِ, ثُمَّ صَارَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ طَائِفَةٌ غَلَوْا فِيهِ، حَتَّى صَارَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَسْتَثْنِي فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، يَقُولُ: صَلَّيْتُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ! وَنَحْوَ ذَلِكَ، يَعْنِي الْقَبُولَ. ثُمَّ صَارَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ يَسْتَثْنُونَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمْ: هَذَا ثَوْبٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ! هَذَا حَبْلٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ! فَإِذَا قِيلَ لَهُمْ: هَذَا لَا شَكَّ فِيهِ؟ يَقُولُونَ: نَعَمْ، لَكِنْ إِذَا شَاءَ اللَّهُ أِنْ يُغَيِّرَهُ غَيَّرَهُ!! الْمَأْخَذُ الثَّانِي: أَنَّ الْإِيمَانَ الْمُطْلَقَ يَتَضَمَّنُ فِعْلَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ عَبَدَهُ كُلِّهِ، وَتَرْكَ مَا نَهَاهُ عَنْهُ كُلِّهِ، فَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ: أَنَا مُؤْمِنٌ، بِهَذَا الِاعْتِبَارِ؛ فَقَدْ شَهِدَ لِنَفْسِهِ أَنَّهُ مِنَ الْأَبْرَارِ الْمُتَّقِينَ، الْقَائِمِينَ بِجَمِيعِ مَا أُمِرُوا بِهِ، وَتَرْكِ كُلِّ مَا نُهُوا عَنْهُ، فَيَكُونُ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُقَرَّبِينَ! وَهَذَا مَعَ تَزْكِيَةِ الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ صَحِيحَةً، لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَشْهَدَ لِنَفْسِهِ بِالْجَنَّةِ إِنْ مَاتَ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ. وَهَذَا مَأْخَذُ عَامَّةِ السَّلَفِ الَّذِينَ كَانُوا يَسْتَثْنُونَ، وَإِنْ جَوَّزُوا تَرْكَ الِاسْتِثْنَاءِ، بِمَعْنًى آخَرَ، كَمَا سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَيَحْتَجُّونَ أَيْضًا بِجَوَازِ الِاسْتِثْنَاءِ فِيمَا لَا شَكَّ فِيهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ} [الْفَتْحِ: 27] , وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ وَقَفَ عَلَى الْمَقَابِرِ: "وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ" [1]. وَقَالَ أَيْضًا: "إِنِّي لِأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ" [2]. وَنَظَائِرُ هَذَا.
وَأَمَّا مَنْ يُحَرِّمُهُ، فَكُلُّ مَنْ جَعَلَ الْإِيمَانَ شَيْئًا وَاحِدًا، فَيَقُولُ: أَنَا أَعْلَمُ أَنِّي مُؤْمِنٌ، كَمَا أَعْلَمُ أَنِّي تَكَلَّمْتُ بِالشَّهَادَتَيْنِ، فَقَوْلِي: أَنَا مُؤْمِنٌ، كَقَوْلِي: أَنَا مُسْلِمٌ، فَمَنِ اسْتَثْنَى فِي إِيمَانِهِ فَهُوَ شَاكٌّ فِيهِ، وَسَمَّوُا الَّذِينَ يَسْتَثْنُونَ فِي إِيمَانِهِمُ الشَّكَّاكَةَ. وَأَجَابُوا عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ} [الْفَتْحِ: 27] , بِأَنَّهُ يَعُودُ إِلَى الأمن والخوف، فأما الدخول فلا شك

[1] أخرجه مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها انظر "أحكام الجنائز وبدعها" "ص189".
[2] أخرجه مسلم، والبخاري نحوه.
نام کتاب : شرح الطحاوية - ط دار السلام نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 352
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست