responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الطحاوية - ط دار السلام نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 338
وَقَدِ اعْتُرِضَ عَلَى اسْتِدْلَالِهِمْ بِأَنَّ الْإِيمَانَ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنِ التَّصْدِيقِ بِمَنْعِ التَّرَادُفِ بَيْنَ التَّصْدِيقِ وَالْإِيمَانِ، وَهَبْ أَنَّ الْأَمْرَ يَصِحُّ فِي مَوْضِعٍ، فَلِمَ قُلْتُمْ إِنَّهُ يُوجِبُ التَّرَادُفَ مُطْلَقًا؟ وَكَذَلِكَ اعْتُرِضَ عَلَى دَعْوَى التَّرَادُفِ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ, وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ التَّرَادُفِ: أَنَّهُ يُقَالُ لِلْمُخْبَرِ إِذَا صَدَّقَ: صَدَّقَهُ، وَلَا يُقَالُ: آمَنَهُ، وَلَا آمَنَ بِهِ، بَلْ يُقَالُ: آمَنَ لَهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَآَمَنَ لَهُ لُوطٌ} [الْعَنْكَبُوتِ: 26]. {فَمَا آَمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ} [يُونُسَ: 83]. وَقَالَ تَعَالَى: {يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} [التَّوْبَةِ: 61]، فَفَرَّقَ بَيْنَ الْمُعَدَّى بِالْبَاءِ وَالْمُعَدَّى بِاللَّامِ، فَالْأَوَّلُ يُقَالُ لِلْمُخْبَرِ بِهِ، وَالثَّانِي لِلْمُخْبِرِ. وَلَا يَرِدُ كَوْنُهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: مَا أَنْتَ بِمُصَدِّقٍ لَنَا؛ لِأَنَّ دُخُولَ اللَّامِ لِتَقْوِيَةِ الْعَامِلِ، [كَمَا إِذَا تَقَدَّمَ الْمَعْمُولُ، أَوْ كَانَ الْعَامِلُ] اسْمَ فَاعِلٍ، أَوْ مَصْدَرًا، عَلَى مَا عُرِفَ في موضعه, فالحاصل أنه لا يقال: قَدْ آمَنْتُهُ، وَلَا صَدَّقْتُ لَهُ، إِنَّمَا يُقَالُ: آمَنْتُ لَهُ، كَمَا يُقَالُ: أَقْرَرْتُ لَهُ. فَكَانَ تَفْسِيرُهُ بِأَقْرَرْتُ, أَقْرَبَ مِنْ تَفْسِيرِهِ بِصَدَّقْتُ، مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا ثَابِتٌ فِي المعنى، فإن كل مخبر عن مشاهد أَوْ غَيْبٍ، يُقَالُ لَهُ فِي اللُّغَةِ: صَدَقْتَ، كَمَا يُقَالُ لَهُ: كَذَبْتَ. فَمَنْ قَالَ: السَّمَاءُ فَوْقَنَا، قِيلَ لَهُ: صَدَقْتَ. وَأَمَّا لَفْظُ الْإِيمَانِ فَلَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا فِي الْخَبَرِ عَنِ الْغَائِبِ، فَيُقَالُ لِمَنْ قَالَ: طَلَعَتِ الشَّمْسُ: صَدَّقْنَاهُ، وَلَا يُقَالُ: آمَنَّا لَهُ، فَإِنَّ فِيهِ أَصْلَ مَعْنَى الْأَمْنِ، وَالِائْتِمَانُ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْخَبَرِ عَنِ الْغَائِبِ، فَالْأَمْرُ الْغَائِبُ هُوَ الَّذِي يُؤْتَمَنُ عَلَيْهِ الْمُخْبِرُ, وَلِهَذَا لَمْ يَأْتِ فِي الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ لَفْظُ آمَنَ لَهُ, إِلَّا فِي هَذَا النَّوْعِ, وَلِأَنَّهُ لَمْ يُقَابَلْ لَفْظُ الْإِيمَانِ قَطُّ بِالتَّكْذِيبِ كَمَا يُقَابَلُ لَفْظُ التَّصْدِيقِ، وَإِنَّمَا يُقَابَلُ بِالْكُفْرِ، وَالْكُفْرُ لَا يَخْتَصُّ بِالتَّكْذِيبِ، بَلْ لَوْ قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَلَكِنْ لَا أَتَّبِعُكَ، بل أعاديك وأبغضك وأخالفك: لكان كفرا أعظم، فعلم أن الايمان ليس التصديق فقط، ولا الكفر التَّكْذِيبَ فَقَطْ، بَلْ إِذَا كَانَ الْكُفْرُ يَكُونُ تَكْذِيبًا، وَيَكُونُ مُخَالَفَةً وَمُعَادَاةً بِلَا تَكْذِيبٍ, فَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ، يَكُونُ تَصْدِيقًا وَمُوَافَقَةً وَانْقِيَادًا، وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ التَّصْدِيقِ، فَيَكُونُ الْإِسْلَامُ جُزْءَ مُسَمَّى الْإِيمَانِ. وَلَوْ سُلِّمَ التَّرَادُفُ، فَالتَّصْدِيقُ يَكُونُ بِالْأَفْعَالِ أَيْضًا. كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ، وَزِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالْأُذُنُ تَزْنِي، وَزِنَاهَا السَّمْعُ" , إِلَى أَنْ قَالَ: "وَالْفَرْجُ

نام کتاب : شرح الطحاوية - ط دار السلام نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 338
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست