أهل الإحسان العظيم يرجى لهم من العفو والرحمة والمغفرة ما لا يرجى لغيرهم؛ لأن الحسنات يذهبن السيئات.
وقوله: (ولا نشهد لهم بالجنة) لا نشهد لأحد من المحسنين الصالحين بالجنة، فضلا عمن دونهم، وهذه مسألة سيأتي النص عليها في كلام الطحاوي [1]؛ لأنه يكرر المعنى الواحد أحيانا في أكثر من موضع، فلا نشهد لأهل القبلة بجنة ولا نار.
والشهادة بالجنة ذكر فيها الشارح ابن أبي العز ثلاثة مذاهب ([2]):
قيل: لا يشهد إلا للأنبياء.
وقيل: يشهد بالجنة لكل من جاء فيه النص، وهو قول كثير من العلماء وأهل الحديث.
وقيل: يُشهد بالجنة لهؤلاء، ولمن شهد له المؤمنون.
والقول الثاني هو: أصحها فمن شهد له الرسول - صلى الله عليه وسلم - شهدنا له بالجنة، كالعشرة المبشرين بالجنة [3]، وثابت بن قيس بن شماس [4]، والحسن والحسين، [5] رضوان الله عليهم، ومن شهد له الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الجماعات؛ كأهل بيعة الرضوان نشهد بأن جميعهم في الجنة، قال تعالى: ((لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ)) [الفتح: 18]، وقال [1] ص 264 عند قوله: ولا ننزل أحدا منهم جنة ولا نارا. [2] ص 538، وهو منقول من منهاج السنة 5/ 295. [3] رواه أبو داود (4649)، والترمذي (3757) ـ وقال: حسن صحيح ـ، وابن ماجه (133)، وصححه ابن حبان (6993)، والحاكم 3/ 440، والضياء في المختارة 3/ 282 - 290 من حديث سعيد بن زيد - رضي الله عنه -. [4] رواه البخاري (4846) ومسلم (119) عن أنس - رضي الله عنه -. [5] رواه أحمد 3/ 3، والترمذي (3768) وابن حبان (6959) والحاكم 3/ 167ـ وصححوه ـ من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.