فترك الجهد والعمل في نصرة الدين والإسلام جريمة، وترك دفع المبطلين والظالمين والكافرين الصائلين على المسلمين -بسبب هذا الاعتقاد الباطل- جريمة فوق جريمة ومصيبة عظيمة أصيب بها عقل المرضى بهذا الاعتقاد، ويجب الإسراع بعلاجهم وإنقاذهم من هذا الداء الوبيل" [1]. اهـ.
رابعًا: قال الدكتور/ عبد العزيز مصطفى -وفقه الله تعالى-:
"جهاد الكفار -أيًّا كانوا، وأينما كانوا، وفي أي زمان كانوا- واجبٌ بالشرع المحكم غير المنسوخ, وهذه حقيقة إسلامية ثابتة، وهذا الجهاد واجب بشروطه، وضوابطه، وأحكامه، وليس من هذه الشروط، أو الضوابط، أو الأحكام، أن يُؤَخَّرَ الجهادُ انتظارَا لتحول الغيب إلى شهادة، ما هكذا فَهِمَ المسلمون الأوائل، وما هكذا فعلوا، بل إنهم لما أُخْبِرُوا بأن الله -تعالى- سيكسر مُلك كسرى بسيوفهم؛ ما قبعوا في البيوت ينتظرون تحقق الخبر، ووقوع الأمر بلا مقدمات يبذلونها، وجهود يقدمونها، لا؛ بل أعدوا للأمر عُدَّتَهُ، وأخذوا للشأن أُهْبَتَهُ، حتى وقع النصر، وتطابق أمر الشرع مع أمر القدر.
وإن المسلمين الأوائل لما أُنْبِئُوا بأن اللهَ سيكسر مُلك قَيْصَرَ على أيديهم لم يناموا على الأسِرَّة منتظرين تحقق النبوءة، ووقوع المعجزة؛ بل شمَّروا عن ساعد الجد، وجردوا الحسام من الغِمْد، وانطلقوا في أرض الله يقاتلون باسم الله مَن كفر بالله، حتى سقطت مملكةُ قيصرَ، وتطابق المشروع مع المقدور، وهكذا كان الشأن في النبوءات الأخرى عن فتح مصر، والشام، والعراق، وحتى القسطنطينية، لم يقل السلطان [1] مقدمة "التصريح بما تواتر في نزول المسيح" ص (ذ، ر).