الضَّابِطُ الأول: لاَ يُسْتَنْكَرُ تَوَقعُ حُصُولِ شَيْءٍ
مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ بشُرُوط
إن ترقُّبَ حصول أشراط الساعة التي تقع بإرادة الله -عز وجل- الكونية القدرية ليس بدعة ولا خطأ؛ خاصَّةً إذا تعاقبت الإرهاصات، والمقدمات التي جاءت بها الأخبار؛ ودليل ذلك أن الصحابة -رضي الله عنهم- لما سمعوا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يُحَدّثُهُمْ عن الدَجال فَخَفَّضَ فيه ورفَّع؛ ظنوا أنه في طائفة النخل [1]، وشَكُوا في ابن صيَّادٍ أنه المسيحُ الدجال، بل منهم من أقسم لرسول الله -صلى الله عليه واله وسلم- على ذلك؛ كما في الأحاديث الصحيحة عن عمر وجابر -رضي الله عنهما- ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمِ ينكر على عُمَرَ، بل قال -صلى الله عليه وسلم-: "إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فيكم؛ فَأنَا حَجِيجُه دُونَكُم"، وكذلك شَكَّت فيه حفصة وابن عمر، وغيرهما من الصحابة -رضي الله عنهم- [2].
ويُرْوَى عن أبي ذز الغِفاري -رضي الله عنه-، قال: "ما تؤيسني رقة عظمي، ولا بياض شعري أن ألقى عيسى ابن مريم " [3].
ولا يزال العلماء في كل عصر ومَصرٍ يتكلمون بذلك، ويتوقعون قربَ حصولِ بعضِ الأشراط، قال القرطبي -رحمه الله تعالى-: "كل ما وقع في حديث معاوية هذا فقد شاهدناه بتلك البلاد، وعاينَّا معظمَه إلا خروج المهدي" [4]. اهـ [1] رواه مسلم رقم (2937)، وأبو داود رقم (4321)، (4322)، والترمذي رقم (2241). [2] انظر "جامع الأصول" (10/ 362 - 375).
(3) "طبقات ابن سعد" (23/ 4).
(4) "التذكرة" ص (725).