فَصْلٌ
وممن خاض في هذا البحث "أمين محمد جمال الدين" في كتابه "عمر أمة الإسلام" وانتهى إلى أننا نعيش حقبة ما قبل النهاية، وهي مرحلة الاستعداد للفتن، والملاحم الأخيرة التي تسبق ظهور العلامات الكبرى.
ومما استدل به: ما رواه ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنَّما بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِن الْأمَم [1] كَمَا بَيْنَ [1] قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى-: وقوله- صلى الله عليه وسلم-: "إنما بقاؤكم فيما سلف من الأمم قبلكم "إنما أراد به -والله أعلم- أتباع موسى وعيسى عليهما السلام، وقد سمى الله بني إسرائيل بانفرادهم أُمما فقال: {وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا} [الأعراف: 168]، ولهذا فسر النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك بعمل أهل التوراة بها إلى انتصاف النهار، وعملِ أهل الإنجيل إلى العصر، وعمل المسلمين بالقرآن إلى غروب الشمس.
ويدل على ذلك -أيضَا- حديثُ أبي موسى الذي خرَّجَه البخاريُ بعد هذا، ولفظُه:
"مثلُ المسلمينَ، واليهود، والنصارى كمثلِ رجل استأجرَ قوما يعملون له إلى الليل"، وذكرَ الحديثَ كما سيأتي إن شاءَ اللهُ تعالى، وإنما قلنا: إنَّ هذا هو المرادُ من الحديث؛ لأنَّ مدة هذه الأمة بالنسبة إلى مدة الدنيا من أولها إلى آخرها لا يبلغُ قدرَ ما ببَن العصر إلى غروب الشمسِ بالنسبة إلى ما مضى من النَهار؛ بل هو أقلُّ من ذلكَ بكثيرِ.
ويدلُّ عليه صريحًا: ما خرَّجه الإمام أحمدُ، والترمذيُّ من حديث أبي سعيد أن النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- صلى بهم صلاة العصر يومًا بنهارٍ، ثم قامَ خطيبًا، فلم يدع شيئًا يكونُ إلى قيام الساعة إلا أخبرنَا به، فذكرَ الحديثَ بطولِهِ، وقال في آخره: قال: وجعلنا نلتفتُ إلى الشَّمسِ هل بقي منها شيء؟ =