وقال الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي -رحمه الله تعالى-: "وينبغي للمنتخب أن يقصد تخير الأسانيد العالية، والطرق الواضحة، والأحاديث الصحيحة، والروايات المستقيمة، ولا يُذْهِب وقته في التّرَّهات، من تتبع الأباطيل والموضوعات، وتَطلّبِ الغرائب والمنكرات" [1] اهـ.
وقال أيضًا -رحمه الله تعالى-: "أكثر طالبي الحديث في هذا الزمان يغلب على إرادتهم كتبُ الغريب دون المشهور، وسماع المنكر دون المعروف، والاشتغال بما وقع فيه السهو والخطأ من روايات المجروحين والضعفاء، حتى لقد صار الصحيح عند أكثرهم مجتنبًا، والثابت مصروفًا عنه مُطَّرَحًا، وذلك كله لعدم معرفتهم بأحوال الرواة ومحلهم، ونقصان علمهم بالتمييز، وزهدهم في تعلمه، وهذا خلاف ما كان عليه الأئمة من المحدثين، والأعلام من أسلافنا الماضين" [2] اهـ.
مِنْ فَمِكَ اُدينُكَ
ومن مغالطات هذا المقلِّد قوله معلقًا على الأثر الذي ادعى أن أبا هريرة كان يكتمه ثم بثه: "وقد قلت في "قبل البيان" إنني سأورد بعض الآثار العجيبة معزوة إلى مصادرها، منسوبة إلى قائليها ([3])،
(1) "الجامع" (2/ 159).
(2) "الكفاية" ص (141). [3] إنما يستقيم لك ذلك إذا كان مصنفوها قد اشترطوا الصحة فيما يروون من الأحاديث، أما الكتب التي اقتصر مؤلفوها على الجمع والتقميش فإنه يتعين على من ينقل عنها أن يثبت صحة الأحاديث إن كان يحتج بها.