نام کتاب : مختصر التحفة الاثني عشرية نویسنده : الآلوسي، محمود شكري جلد : 1 صفحه : 55
الأمير بالمكر والزور وظلموه فعصوا الله ورسوله في ذلك وارتدوا عن الدين - إلا القليل منهم - محبة في الدنيا وطمعا في زخرفها. (1)
واستدل على ذلك بما وقع بين فاطمة - رضي الله تعالى عنها - وبين أبي بكر - رضي الله تعالى عنه - في مسألة فدك [2] إلى أن انتهى الأمر إلى الصلح ثم أوصى أتباعه بكتمان هذا الأمر وعدم نسبته إليه وقال: لا تظهروا للناس أنكم أتباعي لأن غرضي إظهار الحق والهداية إلى الطريق المستقيم دون الجاه والشهرة عند الناس. فمن تلك الوسوسة ظهر القيل والقال ووقع بين المسلمين التفرق والجدال، وانتشر سب الصحابة الكرام وذاع الطعن فيهم من أولئك الطغام، حتى إن الأمير كرم الله تعالى وجهه قد خطب فوق المنبر خطبا في ذم هؤلاء القوم وأظهر البراءة منهم وأوعد بعضهم بالضرب والجلد. فلما رأى ابن سبأ أن سهمه هذا أيضا قد أصاب هدفا واختلت بذلك عقائد أكثر المسلمين اختار أخص الخواص من أتباعه وألقى إليهم أمرا أدهى من الأول وأمر، وذلك بعد أن أخذ عليهم ميثاقا غليظا أن الأمير كرم الله تعالى وجهه يصدر منه ما لا يقدر عليه البشر من قلب العيان، والأخبار المغيبات، وإحياء الموتى، وبيان الحقائق الإلهية والكونية، وفصاحة الكلام، والتقوى، والشجاعة، والكرم، إلى غير ذلك مما لا عين رأت ولا أذن سمعت، فهل تعلمون منشأ هذه الأمور؟ فلما أظهروا العجز عن ذلك قال لهم: إن هذه كلها من خواص الألوهية التي تظهر في بعض المظاهر ويتجلى اللاهوت في كسوة مثل أنا حي لا يموت أنا باعث من في القبور أنا مقيم الساعة ونحوها مما صدر عنه - رضي الله تعالى عنه - في غلبة الحال كما هو شأن أولياء الله [3] فلما وصلت هذه المقالة إلى
(1) ويعترفون بدخوله على الأمير، حيث روى ابن بابويه القمي والطوسي عن أبي بصير ومحمد بن مسلم: «إن عبد الله بن سبأ قال يا أمير المؤمنين أليس الله في كل مكان؟ قال - عليه السلام -: بلى، قال: فلم يرفع العبد يديه إلى السماء قال: أما تقرأ: {وفي السماء رزقكم وما توعدون} ... ». من لا يحضره الفقيه: 1/ 325؛ تهذيب الأحكام: 2/ 322. وفي هذه الرواية يتضح أن هؤلاء القوم لم يكونوا زاهدين بروايات ابن سبأ إلا عندما يتعلق الأمر بنفي تهمة الرفض عنهم وبأن صاحبها هو عبد الله بن سبأ اليهودي. [2] قال ياقوت الحموي: «فدك: قرية بالحجاز بينها وبين المدينة يومان وقيل ثلاثة، أفاءها الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - في سنة سبع صلحا، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما نزل خيبر وفتح حصونها ولم يبق إلا ثلث، واشتد بهم الحصار راسلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسألونه أن ينزلهم على الجلاء وفعل، وبلغ ذلك أهل فدك فأرسلوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يصالحهم على النصف من ثمارهم وأموالهم فأجابهم إلى ذلك، فهي مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، فكانت خالصة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفيها عين فوارة ونخيل كثيرة». معجم البلدان: 4/ 238. [3] لم يثبت بالطرق العلمية والتاريخية صدور هذه الكلمات عن أمير المؤمنين كرم وجهه. ولم ينقلها عنه راو واحد تقبل روايته. وأولياء الله هم القائمون بنصر الله لأن الولاية هي النصرة. والذي يدعي صفات الله يعد من أعداء الله لا من أوليائه، وسخافات الشطح لم تكن معروفة في عصر الصحابة ولا صدرت عن أحد منهم
نام کتاب : مختصر التحفة الاثني عشرية نویسنده : الآلوسي، محمود شكري جلد : 1 صفحه : 55