نام کتاب : مختصر التحفة الاثني عشرية نویسنده : الآلوسي، محمود شكري جلد : 1 صفحه : 172
الموضوعة والمفتريات، ثم يتخبطون إذ يرون هذه الروايات الصحيحة، فقد يقولون إن هذه كلها - من متابعة الأمير ومبايعته للشيخين - كانت لمحض قلة الأعوان والأنصار، ثم يفحمون فيما قالوا بروايات ثقاتهم الدالة صراحة على قوة الأمير وغلبة أعوانه وكثرة انصاره، كما روى أبان بن عياش [1] عن سليم [2] بن قيس الهلالي وغيره أن عمر قال لعلي: والله لئن لم تبايع أبا بكر لنقتلنك. قال له علي: لولا عهد عهده إلى خليلي لست أخونه لعلمت أينا أضعف ناصرا وأقل عددا. (3)
فهذه الرواية تدل بالصراحة على أن سكوت الأمير كان بسبب أمر سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أن الخلافة حق أبي بكر بلا فصل ثم حق عمر، وههنا البرهان العقلي الموافق لأصول الشيعة قائم على أن العهد المذكور كان هذا، لأن الإمامة لو كانت حق الأمير وكان النبي أوصاه بترك المنازعة للشيخين مع كثرة الأعوان والأنصار المستفادة من هذه الرواية صراحة للزم أن النبي أوصاه بتعطيل أمر الله ونحوها، معاذ الله من ذلك. كيف وقد قال الله تعالى {يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال} في زمان كان الواجب أن يقاتل مسلم واحد عشرة كفار، فجاهد النبي وكلف الناس بالجهاد بهذه التأكيدات مع كثرة المشقة والصعوبة، وفي زمان تم فيه الدين وكملت النعمة يأمر [4] مثل هذا الذي هو أسد الله بالجبن والخوف وترك التبليغ لأحكام الله ويجوز الفتن والفساد وتحريف كتاب الله وتبديل دينه {أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون} حاشاه ثم حاشاه، أولئك مبرأون مما يقولون، وشأن النبوة والرسالة مناف لهذه الوصية أشد منافاة.
وقد يقول الشيعة إن ترك الأمير للمنازعة وإظهاره الموافقة والمناصحة مع الخلفاء الثلاثة كان لمحض الاقتداء بأفعال الله تعالى وهي إمهال الجاني والتأني في المؤاخذة، وقد استخرج هذا التوجيه ابن طاوس سبط أبي جعفر الطوسي، وقد ارتضى به الآخرون من إخوانه غاية ارتضاء، مع أنه تأويل باطل، لأن الاقتداء بأفعال الله تعالى فيما يخالف الشرع غير جائز للناس فضلا عن أن يكون واجبا، إذ الباري تعالى قد ينصر الكفرة في بعض الأحيان ويخذل المسلمين ويميت الصالحين ويحيى الفساق ويرزقهم بغير حساب ويقدر الرزق على الصلحاء وغير ذلك على [1] أبان بن أبي عياش فيروز وقيل دينار البصري، مولى أنس بن مالك، قال أحمد بن حنبل: لا يكتب عنه كان منكر الحديث ترك الناس حديثه، وقال يحيى بن معين: هو متروك ليس حديثه بشيء، وقال النسائي والرازي والدارقطني هو متروك. ابن الجوزي، الضعفاء والمتروكين: 1/ 19؛ الكامل في ضعفاء الرجال: 1/ 381؛ ميزان الاعتدال: 1/ 124. وهو الراوي الوحيد لكتاب سليم بن قيس الهلالي عند الإمامية. رجال الغضائري: 1/ 16؛ الحلي، الخلاصة: ص 207. [2] في المطبوع سليمان
(3) كتاب سليم بن قيس: ص 937. وفي رواية أخرجها الكليني عن الهيثم بن التيهان: «أن أمير المؤمنين خطب الناس بالمدينة فقال: ... ولولا عهد عهده إلي النبي الأمي - صلى الله عليه وسلم - لأوردت المخالفين خليج المنية ولأرسلت عليهم شابيب صواعق الموت ... ». الكافي: 8/ 31؛ المجلسي، بحار الأنوار: 28/ 242. [4] أي كيف يأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - عليا - رضي الله عنه -.
نام کتاب : مختصر التحفة الاثني عشرية نویسنده : الآلوسي، محمود شكري جلد : 1 صفحه : 172