نام کتاب : الكلمات الحسان في بيان علو الرحمن نویسنده : عبد الهادي بن حسن وهبي جلد : 1 صفحه : 29
الحادي عَشَرَ:
التَّصريحُ بالاستواءِ مقرونًا بأداة «على» مختصًّا بالعرشِ - الذي هو أعلى المخلوقاتِ وأنْزَهِهَا وأطْهَرِهَا وأنْوَرِهَا وأشْرَفِهَا ذاتًا وقَدْرًا وأوسَعِهَا - مصاحبًا في الأكثرِ لأداةِ «ثمَّ» الدَّالَّةِ على الترتيبِ والمهلةِ.
قالَ سبحانه وتعالى - ومَنْ أَصْدَقُ مِنَ الله حديثًا؟ -: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [السجدة: 4] [1].
وقالَ سبحانه وتعالى في وصفِ كتابهِ العزيزِ: {تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الأَرْضَ وَالسَّماواتِ العُلَى * الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *} [طه: 4 - 5]. [1] قال ابنُ القيِّم رحمه الله في «مدارج السالكين» (1/ 42 - 43): «الرحمنُ: الذي الرحمةُ وصفُه. والرحيمُ: الراحمُ لعباده. ولهذا يقولُ تعالى: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب: 43] {إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 117]، ولم يجىء رحمنٌ بعباده، ولا رحمنٌ بالمؤمنين، مع ما في اسم «الرحمن» الذي هو على وزن فَعْلاَن من سعة هذا الوصف، وثبوت جميع معناه الموصوف به. ألا ترى أنَّهم يقولون: غضبان، للممتلئ غضبًا، ونَدْمَان وحَيْران وسَكْران ولَهْفان لمن مُلىء بذلك، فبناء فعلان للسعة والشمول. ولهذا يقرن استواؤه على العرش بهذا الاسم كثيرًا فاستوى على عرشه باسم الرحمن، لأنَّ العرش محيط بالمخلوقات، وقد وسعها. والرحمة محيطة بالخلق واسعة لهم، كما قال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: 156]، فاستوى على أوسع المخلوقات بأوسع الصفات. فلذلك وسعت رحمته كلَّ شيء. وفي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَمَّا قضَى اللهُ الخلقَ كتبَ في كتابٍ، فهو عنده موضوعٌ على العرشِ. إنّ رحمَتِي تَغْلِبُ غَضِبي».
فتأمَّلِ اختصاصَ هذا الكتابِ بذكرِ الرحمةِ، ووَضْعَهُ عنده على العرشِ، وطابِقْ بين ذلك وبين قوله: {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *} [طه: 5]، وقوله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَانُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} [الفرقان: 59]، يَنْفَتِحْ لك بابٌ عظيمٌ من معرفةِ الربِّ تبارك وتعالى».
نام کتاب : الكلمات الحسان في بيان علو الرحمن نویسنده : عبد الهادي بن حسن وهبي جلد : 1 صفحه : 29