responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح العقيدة الواسطية نویسنده : السلمي، عبد الرحيم بن صمايل    جلد : 1  صفحه : 16
معنى إثبات الصفات من غير تحريف ولا تعطيل
أما قوله: (من غير تحريف) فالتحريف هو تغيير المعنى أو اللفظ، والتحريف ينقسم إلى قسمين، فأما تغيير اللفظ فلا يعرف له مثال واضح وإن كان بعض أهل البدع تمناه، فهذا عمرو بن عبيد يقول: وددت لو أني حككت قوله تعالى: {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11]، وكتبت: {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [إبراهيم:4]، يعني: وددت لو أني حككتها من المصاحف، وجاء رجل إلى القارئ المشهور أبي عمرو بن العلاء وقال له: اقرأ: (وكلم اللهَ موسى تكليماً)، حتى ينسب صفة التكليم والكلام إلى موسى ولا ينسبها إلى الله عز وجل، والآية هي: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء:164]، فقال: هب أنني قرأت ما أردت، فماذا تصنع في قول الله عز وجل: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف:143] وهذا نص صريح، يعني: لو أني غيرت لك ما تريد وذاع وانتشر على أنها قراءة، فكيف تعمل بالنص الثاني؟ فخصم ذلك الخبيث.
وأما النوع الثاني وهو المشهور والكثير فهو: تحريف المعنى، أي: تغيير دلالته، فمثلاً قول الله عز وجل: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص:75] غيرت اليد هنا بمعنى النعمة، أو كما في قوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة:64]، أو تأويل وتحريف قوله عليه الصلاة والسلام: (ينزل ربنا)، قالوا: ينزل أمره، فهذا التغيير للمعاني هو التحريف، وهذا هو الذي يسميه أهل البدع والضلالة التأويل تلطيفاً للعمل الذي عملوه، وإضفاءً للشرعية عليه.
كما أن هؤلاء استشكلوا قوله: (من غير تحريف ولا تعطيل)، عندما ناظرهم شيخ الإسلام قالوا: ماذا تقصد بالتحريف والتعطيل؟ قال: أنا اعتنيت في هذه الرسالة بأن أستخدم الألفاظ الشرعية، فقوله من غير تحريف يدل عليه قول الله عز وجل: {وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ} [المائدة:41]، بمعنى: يغيرون معناه، وهم يغيرون معناه ودلالته، بحيث إن كلمة تصرف عن معناها الحقيقي.
قوله: (ولا تعطيل)، التعطيل هو: التخلية والترك، ولهذا يقول الله عز وجل: {وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ} [الحج:45] يعني: خالية من الماء، أو معطلة من الرعاة الذين يأتونها، بمعنى: متروكة، فمعنى قوله: (ولا تعطيل) يعني: من دون تفريغ لمعناها ومحتواها، فإن أهل البدع فرغوها من معناها الصحيح، فهو يقصد بقوله: (من غير تحريف): أهل الكلام الذين أولوا الصفات، ويقصد بقوله: (ولا تعطيل): أهل التأويل الذين عطلوا الصفة عن معناها، وإن كانوا لم يثبتوا معنى آخر لها، وذلك أن أهل البدع أول ما يبدءون في الكلام في آيات الصفات يعطلونها من معناها الحقيقي، فيقولون: الله عز وجل ليس له صفة اليدين والعينين ونحو ذلك، وهذا يسمى تعطيلاً.
كما ينقسموا إلى طائفتين: طائفة تسكت، وسموا أنفسهم المفوضة، أي: مفوضة أمرها إلى الله عز وجل.
وطائفة ثانية تؤول، يعني: أن تأتي بمعنى للآية غير المعنى الحقيقي، والأشاعرة والماتريدية يعتقدون أن السلف على مذهب التفويض، الذي هو تخلية النص الشرعي من معناه الحقيقي، ثم يقولون: إن السلف تركوا الآية بدون تفسير لها، فيقولون: منهج السلف أسلم، يعني: من الخطأ؛ لأنهم قد يأتون بمعنى فيكون خطأ، ويقولون: ومنهج الخلف -الذين هم متأخري أهل الكلام- أعلم وأحكم؛ لأنهم يأتون بالمعنى الشرعي الصحيح فيما يظنوه ويعتقدوه، وسيأتي الحديث عن هؤلاء بشكل مفصل.

نام کتاب : شرح العقيدة الواسطية نویسنده : السلمي، عبد الرحيم بن صمايل    جلد : 1  صفحه : 16
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست