قاعدة أن الله لا يوصف بأكثر مما وصف به نفسه ووصفه به رسوله
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ونعلم أن ما جاء به الرسول حق، ولا نرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نصف الله بأكثر مما وصف به نفسه بلا حد ولا غاية].
هذه القاعدة السابعة، وهي: أن الله عز وجل لا يوصف بأكثر مما وصف به نفسه ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، بمعنى: لا يأتينا متحذلق بألفاظ جديدة ويقول: هذه كمالات وأنا أثبت لله الكمالات، نعم الكمال يثبت لله لكن يرد إلى ألفاظ الشرع، ولنأخذ على هذا مثالاً: بعض المتكلمين زعموا أن من أسماء الله عز وجل الموجود، وزعموا أن من أسماء الله القديم، ونحن نقول: إن الله عز وجل موجود، لكن يُغنى عنها قوله عز وجل: {الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة:255] فلا داعي لكلمة موجود لأنها لم ترد في ألفاظ الشرع.
كذلك القديم، والقديم ورد ما يغني عنها وزيادة وهو قوله عز وجل: {هُوَ الأَوَّلُ} [الحديد:3]، وشرحها النبي صلى الله عليه وسلم وفسّرها في حديث صحيح بمعنى الأول الذي ليس قبله شيء، فالأول تغني عن قديم؛ لأن كلمة قديم فيها معنى سلبي، فأحياناً يُطلق في لغة العرب على الشيء المتهالك المستخدم الذي تنتهي مدته، فلا يليق هذا.
فكلمة (القديم) إن كانت بمعنى شرح اللفظ فلا مانع، أما بمعنى إثبات الاسم فلا يجوز، والسلف الذين أطلقوها قصدهم شرح معنى قول الله عز وجل: {هُوَ الأَوَّلُ} [الحديد:3] فيقال: إذا قال إنسان: ما معنى الأول؟ نقول: هو القديم الذي ليس قبله شيء في معنى شرح لمعنى الأول، لكن لا نثبتها مستقلة.
إذاً: لا يوصف الله عز وجل إلا بما وصف به نفسه؛ لأن ألفاظ كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم في ذات الله وأسمائه وصفاته وأفعاله كافية، وما ورد من ألفاظ أخرى تدل على الكمال تؤخذ معانيها وترد إلى ألفاظ الكتاب والسنة، والألفاظ الجديدة المستحدثة تُبعد.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11] ونقول كما قال، ونصفه بما وصف به نفسه لا نتعدى ذلك ولا يبلغه وصف الواصفين.
نؤمن بالقرآن كله مجمله ومتشابهه، ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شنعت، ولا نتعدى القرآن والحديث، ولا نعلم كيف كنه ذلك إلا بتصديق الرسول صلى الله عليه وسلم وتثبيت القرآن.
قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه: آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله].
هذه قاعدة عظيمة عند الإشكال، فالإنسان إذا أشكل عليه معنى من معاني أسماء الله وصفاته وأفعاله، فليسلم على هذه القاعدة، آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله، هذا هو التفويض الصحيح السليم، بمعنى أنك تفوض أمرك إلى الله عز وجل، وتؤمن بما جاء عن الله على مراد الله، فأنت تؤمن بالحق والحقيقة التي أرادها الله.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وعلى هذا درج السلف وأئمة الخلف رضي الله عنهم، كلهم متفقون على الإقرار والإمرار، والإثبات لما ورد من الصفات في كتاب الله وسنة رسوله من غير تعرض لتأويله، وقد أمرنا باقتفاء آثارهم والاهتداء بمنارهم].
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وآله، وصحبه أجمعين.