الولاء والبراء عصب كلمة التوحيد وأساسها
من فضائل سورة (الكافرون) أنها براءة من الشرك؛ ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم من ينام أن يختم أذكار النوم بقراءة هذه السورة، قال: (فإنها براءة من الشرك)، ومن رحمة الله سبحانه وتعالى وعظيم لطفه بخلقه، أن جعل هذه الرسالة المحمدية خاتمة الرسالات السماوية، وجعلها سبحانه وتعالى كاملة صافية نقية، لا يزيغ عنها إلا هالك، وكتب تبارك اسمه وتعالى جده السعادة في الدارين لأتباع الرسالة، الذين قدروها حق قدرها، وقاموا بها على وفق ما أراد الله، وعلى هدي نبي الله صلى الله عليه وسلم، وسماهم أولياء الله وحزبه، وكتب عز وجل الشقاء والذلة على من حاد عن هذه الشريعة، وتنكب الصراط المستقيم، وسماهم أولياء الشيطان وجنده، وأصل هذه الرسالة وأصل الأصول في دين الإسلام هو كلمة التوحيد: لا إله إلا الله محمد رسول الله.
هذه الكلمة الطيبة التي يقول فيها الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: لأجلها نصبت الموازين، ووضعت الدواوين، وقام سوق الجنة والنار، وبها انقسمت الخليقة إلى المؤمنين والكفار، والأبرار والفجار، وأسست الملة، ولأجلها جردت سيوف الجهاد، وهي حق الله على جميع العباد.
حقيقة هذه الكلمة مركبة من معرفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم علماً، والتصديق به عقداً، والإقرار به نطقاً، والانقياد له محبة وخضوعاً، والعمل به ظاهراً وباطناً، وتنفيذه والدعوة إليه بحسب الإمكان، وتنال الالتزام بهذا كله وتنال هذا التوحيد بالحب في الله، والبغض في الله، والعطاء لله، والمنع لله، وأن يكون الله وحده إلهه ومعبوده، والطريق إلى ذلك هو تجريد متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهراً وباطناً، وتغميض عين القلب عن الالتفات إلى سوى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
هذه الكلمة بكل مفاهيمها ومقتضياتها -أو بجل ذلك- قد غابت عن حس الناس اليوم إلا من رحم الله، ومن هذه المفاهيم الأساسية التي ترتبط بهذه الكلمة: مفهوم الولاء والبراء.