باب وضع اليد على اليد: سئل مالك عن وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة فقال: لا أعرف ذلك في الفريضة ولكن في النوافل إذا طال القيام فلا بأس به يعين به على نفسه. فهل معنى ذلك أنه لا يستحب وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى في الفريضة؟
فإن قيل: إنه ثبت في السنة القبض. قلت نعم ثبت ذلك من رواية مالك في الموطأ فكيف يقول لا أعرف ذلك وهو الذي روى الحديث في الموطأ وعنه أخذه الشيخان. فمعنى ذلك أنه لا يعرف العمل على هذا الحديث، وأنتم تعلمون جلالة علم مالك وتشدده في التمسك بالسنة وآثار الصحابة، فهل يكون قوله هذا ناسخا للحديث مع العلم أني درست بعض كتب أصول الفقه والحديث وأطمئن للأصل الذي اتبعه مالك في أن إجماع أهل المدينة ناسخ للحديث إذا لم يكن هناك مخالف من التابعين في قطر آخر فإن قيل: إن قول مالك: (لا أعرف) لا يدل على إجماع أهل المدينة، قلت هذا فيه نظر؛ لأنه لو وجد فيه خلاف لعرفه ولو عرفه لذكره. فلما لم يكن هناك خلاف دل على أن هناك إجماع. فإن قيل يحتمل أنه لا يعرف في ذلك حديثا فلما وجد رواه في الموطأ: هذا مردود بقوله (ولكن النوافل إذا طال القيام) فهذا يدل على معرفة مالك واطلاعه على الحديث ولكن حمله على النوافل دون الفرائض كما في مسألة من أكل أو شرب ناسيا في رمضان عند الإمام مالك. ثم جواب آخر وهو أنه إنما روى الحديث حتى