بسكنى جنات النعيم في الآخرة، ويطلق الذكر على الشرف والرفعة، وعلى ذكر الناس لربهم وذكر الله لهم، إلى غير ذلك من المعاني التي تبين لمن تتبع آيات القرآن ولغة العرب، لكن المراد بالذكر في قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [1] {بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ} [2] سورة النحل، وفي قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [3] {وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ} [4] {ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ} [5] سورة الأنبياء، المراد في الآيتين: الكتب المنزلة على الرسل قبل نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم.
وأهل الذكر: من نزلت تلك الكتب على رسلهم كاليهود والنصارى، والمأمور بسؤالهم: المشركون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم الذين أنكروا أن يكون محمد صلى الله عليه وسلم رسولا؛ لكونه من البشر، والرسل إنما تكون من الملائكة، ليبين لهم أهل الذكر من اليهود والنصارى أن من سبقه من الرسل إنما كانوا من البشر لا الملائكة، غير أن هاتين الآيتين وإن نزلتا في أمر أولئك المشركين أن يسألوا أهل الكتب السابقة عن رسلهم ليتبين لهم أنهم من البشر، فهما دالتان على أمر كل من يجهل شيئا ينفعه [1] سورة النحل الآية 43 [2] سورة النحل الآية 44 [3] سورة الأنبياء الآية 7 [4] سورة الأنبياء الآية 8 [5] سورة الأنبياء الآية 9