المثاني وإلى (براءة) وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر (بسم الله الرحمن الرحيم) ، ووضعتموها في السبع الطوال، ما حملكم على ذلك؟ فقال عثمان: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه شيء دعا بعض من كان يكتب فيقول: "ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا"، وإذا نزلت عليه الآية فيقول: "ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا"، وكانت (الأنفال) من أوائل ما أنزلت بالمدينة، وكانت (براءة) من آخر القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، فظننت أنها منها، فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما، ولم أكتب بينهما سطر (بسم الله الرحمن الرحيم) فوضعتها في السبع الطوال [1] »
وأما فيم نزلت سورة براءة؟ فقد ذكر ابن كثير في تفسيره: أن أول هذه السورة نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع من غزوة تبوك وهم بالحج، ثم ذكر أن المشركين يحضرون عامهم هذا الموسم على عادتهم في ذلك، وأنهم يطوفون بالبيت عراة فكره مخالطتهم وبعث أبا بكر الصديق رضي الله عنه أميرا على الحج تلك السنة؛ ليقيم للناس مناسكهم، ويعلم المشركين ألا يحجوا بعد عامهم هذا، وأن ينادي في الناس {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [2] كما أنها نزلت [1] سنن الترمذي تفسير القرآن (3086) ، سنن أبو داود الصلاة (786) ، مسند أحمد بن حنبل (1/57) . [2] سورة التوبة الآية 1